يوم جئنا يسوقنا الحين سوقا … نحو قوم كأنهم أسد غاب
سرت في الأزد والمذاحج طُرًّا … بين صل وكاشر الأنياب
وبني كِنْدة الملوك ولخم … وجذام وحِمْيَر الأرباب
ومراد وخَثْعم وزبيد … وبني الحارث الطوال الرغاب
وحشدنا الصميم نرجو نهابا … فلقينا البوار دون النهاب (١)
وأقول: إن هذا الاعتراف من الشاعر بهزيمة قومه وشجاعة عدوه لدليل واضح على صفاء عربيته، وشجاعة نفسه، وصدق تعامله، فلم يمنعه العداء من قول الصدق ولو كان في مصلحة أعدائه.
٨ - خَثْعم وصعاليك العرب
الصعاليك هم فئة من النّاس خرجوا على العادات والتقاليد المألوفة في المجتمع الجاهلي مما جعل المجتمع الجاهلي ينبذهم ويطردهم، وقد أجبرهم على ذلك بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية ولهم مع خَثْعم مواقف كثيرة حفظت لنا كتب التراث بعضها، ومن أشهرهم السليك بن سلكة وكان فارسًا شجاعًا وشاعرًا مجيدًا فغير عجيب أن يعتق نفسه، ويغسل عنه صبغة العبودية وإن لزمه لقب الغراب، وابن الأمة، وابن السوداء، فهو من الفرسان الشجعان، ومن أبطال الجاهلية الأشداء يخشاه الفرسان وتخافه الأبطال، فعمرو بن معدي كرب على شجاعته، كان لا يخشى أن يغلبه أحد على ظعينته إذا سار بها في أرض العدنانية إلَّا أربعة من مُضَر منهم: العبدان عنترة والسليك، ويصفه عمرو بقوله: وأما السليك فبعيد الغارة كالليث الضاري" ويقدمه صاحب الأغاني بروايته عن المفضل فيقول: "وكان السليك من أشد رجال العرب وأنكرهم وأشعرهم"، وقد اشتهر السليك بغاراته البعيدة، منفردا أو مع أصحابه وكان لا يأتي ديار مُضَر العصبيته فيهم، وكانت اليمن والقبائل القحطانية هدفا لغزواته الكثيرة، فعانت من