التاريخ له وخاصة مع ضعف المصادر وانقطاع الروايات عن تلك الفترات وأخبارها، أما الروايات المحفوظة والمصادر القائمة فهي تلك التي تتحدث عن الهجرات وعن الوقعات، وإذا كنا قد تحدثنا عن هجرات بني هاجر ونزوحها، فإننا نتحدث عن أهم أيام بني هاجر ووقعاتها التي تشكل علاقاتها بالقبائل الأخرى.
[علاقات بني هاجر بالقبائل الأخرى]
أهم ما يميز العلاقات القبلية هو الأيام أو الوقعات، التي تعتبر أهم معالم علاقات القبائل بعضها ببعض في القرون الماضية، فعلاقات القبائل في تلك القرون الغابرة لَمْ تكن من خلال المصاهرة أو التجارة بقدر ما كانت من خلال الوقعات أو "الهيات"، وكل قبيلة تعرف تاريخها وتدونه من خلال هذه الوقعات، وقد كان للدولة السعودية - أيدها الله - فضل القضاء على هذه الظواهر، ولكنها تظل في النهاية جزءًا من تاريخ القبائل أو الجزء الأكثر ظهورًا وبروزًا من تاريخها، ونحن إذ نذكر بعضًا من هذا التاريخ إنما نذكره في إطار الاعتبار والتمثل ولإدراك حقيقة الأمن الذي نعيش فيه ونحيا في ظله، كما أن هذا التاريخ يظل مرجعا للباحثين في العلاقات القبلية وشئون القبائل بشكل عام؛ لأنه يظل المصدر الأساسي للاستدلال على كل ما يتعلق بالقبائل من نسب وهجرات ومعلومات مختلفة، ففي داخل هذه الوقعات تكمن المعلومات الأخرى عن أنساب القبائل وزعاماتها ورجالها وشعرائها وفرسانها ونخوتها، وأماكن إقامتها وانتقالها من مكان إلى آخر، وسوف نعتمد في رصد أيام بني هاجر على سرد الأحداث متسلسلة من حيث تاريخ وقوعها بادئين بأيام بني هاجر في الجنوب قبل نزوحهم إلى الأحساء ثم وادي الدواسر والعارض والبحرين وقطر وساحل عُمان ثم الكويت كما نشير إلى بعض المفردات التي قد ترد في بعض القصائد وتصعب على البعض؛ لأنَّ المعارك تعرف عند العرب بالأيام وفي العصور المتأخرة عرفت بالهيات ومفردها هية وكذلك بالكون والمناخ وغيرها من المسميات.