يساكن فروع قبيلة عسير ويخالطها طبقات من القبائل التي تحسب أدني في المستوى الاجتماعي وأقل اعتبارًا من القبائل ذات الشوكة والسطوة، وهي لا تنحصر في بلاد عسير فحسب، بل إن منها فروعًا في بلاد شهران وقحطان ورجال الحجر. والظاهر أن ضرورة المجتمع البشري وطبيعة العمران أوجبت إيجاد هذه الطبقات التي تكسب بعرق جبينها من أعمال دنيا في نظر القبائل الأخرى برغم ضآلة الفروق الموجودة بينها وبين تلك القبائل من ناحية طرق المعيشة وقلة العناية بالكفاءة في الزواج والنسب.
ولهذه القبائل درجات بعضها فوق بعض: فمنها ما هو -في طراز معيشته- أقرب إلى القبائل ذات السطوة، ومنها ما هو أقرب إلى الصناع والخدم والمستجدين، ومنها ما هو كالغجر يكسبون قوتهم من الاستجداء أو المديح أو القيام ببعض الأعمال الحقيرة. وقد ذكر لي من هذه الطبقات ما يأتي:
١ - البلاحطة: وهم مثل الغجر مداحون مستجدون. ومنهم أفراد لهم مكانة لا بأس بها من حيث الكرم وحسن الضيافة والمقام بين الجيران، ومنهم الشعراء المداحون، لقيت أحدهم في قرية الملاحة فأنشدني كثيرًا من الشعر النبطي عن وقائع عسير وأيام محمد بن عائض، وبينها قصيدة في مديحي ومديح الحكومة، وقد قابلني مرة أخرى بمكة فوجدته على عهدي به مداحًا قوالا حسن العشرة سريع البديهة.
٢ - الكحلة: طبقة أرقى من البلاحطة، وهم في نظامهم الاجتماعي يشبهون القبائل ذات النسب، غير أنها لا تناسبهم ولا تتزوج منهم.