للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية وعبد اللَّه بن عامر معه، فألقى عبد اللَّه بن عامر عمامته غطى بها وجهه، وترحم عليه فقال معاوية: اكشفوا عن وجهه، فقال له ابن عامر: واللَّه لا يمثل به وفيَّ روح، وقال معاوية اكشفوا عن وجهه فقد وهبناه لك.

ففعلوا، فقال معاوية: هذا كبش القوم وربِّ الكعبة، اللهم أظفر بالأشتر والأشعث بن قيس، واللَّه ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر:

أَخُو الحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الحربُ عَضّها … وإِنْ شَمَّرتْ يومًا بهِ الحَربُ شَمَّر

كليثٍ هِزَبْرٍ كَانَ يَحمي ذِمَارَهُ … رَمَتْهُ المَنَايَا قَصْدَها فَتَقَطَّر

ثم قال معاوية: إن نساءَ خزاعة لو قدرت أن تقاتلني فضلًا عن رجالها لفعلن.

. . . عن زيد بن وهب الجهني أنَّ عبد اللَّه بن بُديل قام يوم صفين في أصحابه، فخطب، فحمد اللَّه وأثنى عليه، وصلى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال: ألا إنَّ معاوية ادَّعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله، ومَنْ ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقَّ، وصال عليكم بالأحزاب، والأعراب، وزيَّن لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حُبَّ الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وأنتم واللَّه على الحقِّ، على نُورِ من ربكم وبُرهان مبين، فقاتلوا الطغاة الجفاة، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ. . . (١٤)} [التوبة]، وتلا الآية، قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله، وقد قاتلتموهم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فواللَّه ما هم في هذه بأزكى ولا أَتقى ولا أبر، قوموا إلى عدوِّ اللَّه وعدوكم، رحمكم اللَّه (١).

هذا، ولقد قتل معه شقيقه عبد الرحمن في هذه المعركة (٢).

عبد اللَّه (*) بن جبير الخزاعي

هو عبد اللَّه بن جُبير الخُزاعي، ويكنى أبا عبد الرحمن، مختلف في صحبته، سكن الكوفة.


(١) الاستيعاب ٣/ ١٠.
(٢) أسد الغابة ٣/ ١٨٤ (معركة صفين).
(*) الاستيعاب ٣/ ١٣ وأسد الغابة ٣/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>