للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قاله الشريف محمد بن منصور عن قبائل بني هلال (١)

[تمهيد]

[بداية الاستيطان العربي بالمغرب]

لا أنوي أن أعيد في الصفحات التالية ما سبق لي الحديث عنه من أخبار الفتح العربي لبلاد المغرب، وإنما أبغي الحديث فيها عن بداية استقرار العرب فيه واستعراب أهله، سواء كانوا بحال جنود وموظفين يثبتون سلطة الخلافة الإسلامية في ربوعه ويديرون أموره العمومية ويؤمنون مسالكه وطرقه، أو كانوا بحال تجار ورجال أعمال يمشون في مناكبه ابتغاء المال الكثير والربح الوفير، أو كانوا بحال قبائل وعشائر استهواها ما سمعت عن سعة أرضه وخصب تربته وجمال طبيعته فشدت إليه الرحال وسارت بقضها وقضيضها تطوي الأرض إليه طيا حتى ألقت به عصا التسيار، وطاب لها بين أهله المقام والاستقرار.

ومن نافلة الكلام أن نقول أن هذا الاستقرار مضافًا إليه انتشار الإسلام بين قبائل البربر كان أعظم حادث سجلهُ تاريخ المغرب الطويل، فقد كان من نتائج الأول امتزاج سكانه الأصليين بالعناصر العربية امتزاجًا وثيقًا واصطباغهم بصبغتها وتكلمهم بلغتها واستئناسهم إلى ثقافتها ومدنيتها، وكان من نتيجة الثاني اعتناقهم من غير استثناء لعقيدة سماوية ملأت قلوبهم وشغلت عقولهم، ووجهت تفكيرهم وتصرفهم، وهو أمر لم ينجح فيه فاتحون غير العرب في قديم أو حديث.

ولقد بدأ تطلع المسلمين إلى الاستيلاء على المغرب في فجر الخلافة الباكر، إذ لم يكد عمرو بن العاص يفرغ من فتح مصر حتى بدأ يعد العدة لفتح الأقطار التي تليها غربًا، وكان قواده وجنوده يميلون إلى مواصلة الفتح ونشر كلمة الإسلام في أقطار جديدة وبين قوم آخرين غير الذين دانوا لحكمهم بوادي النيل، وزاد في حماسهم وتقوية عزائمهم ما وجدت طلائعهم الأولى التي اتصلت ببلاد المغرب في سكانها من دعة ومسالمة، وما أحرزت من مغانم ومكاسب بأقل جهد.


(١) قبائل المغرب - ط أولي ١٩٦٨ - الرباط - المملكة المغربية، ومؤلفه الشريف محمد بن منصور من المغرب الأقصى، وهو غير الشريف محمد بن منصور من أشراف الحجاز بالمملكة العربية السعودية، ألف كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>