ذات أهمية خاصة اليوم. وصلنا إلى قاعدة حبونا على (٣٢) كيلًا من المفرق المشار إليه، وعلى (٧٠) سبعين كيلًا من مركز نجران. ولما كان هذا هو يوم الخميس فلم نجد من الرسميين أحدا، القاضي والأمير وغيرهما كانوا قد خالفونا إلى نجران، فظهرت البلدة وكأن ليس بها غريب، فما طرقنا بابا وكلمنا منه أحد، وبعد طرق شديد على باب الإمارة خرج علينا الأخ (ملهوف اليامي) أحد أخوايا الإمارة، فطلبنا أن يدلنا على أي شخص يمكن أن ننزل عليه، فأسرع وركب سيارته وتقدمنا إلى منزل عمدة البلد فلم يجده، ثم سار أمامنا حتى وقف بنا أمام منزل الشيخ عبد الرحمن بن قعوان شيخ شمل الأسلوم في قريه الوسيعة، فخرج إلينا ورحب بنا وأدخلنا مجلسًا فخمًا بالنسبة إلى هذه التمرى النائية، قد فرش بالأرائك وعند بابه فرس عربي أصيل مربوط، فيام هي القبيلة الوحيدة بين قبائل المملكة التي تحتفظ بالخيل إلى يومنا هذا، وقد تذكرت قول الأخيلية:
[قوم رباط الخيل بين بيوتهم]
كانت الساعة الثانية عشر، فألح علينا الشيخ عبد الرحمن بن ناجي القعوان ليحضر لنا غداء، فرجوناه أن يكرمنا بما نطلب منه فقط، وعنه أخذنا وصف وادي حبونا وقراه، كما أثبتناه في القسم الجغرافي. وبينما كنا منهمكين في تدوين ما يمليه ابن قعوان فإذا بشاب من قوم الشيخ، يقول: تفضلوا للغداء! أما والأمر كذا وهي (هبة ريح موافقة) فلا بأس، وكان هذا من لطف الله، ذلك أننا لولم نتغد مع القوم لبقينا إلى المساء بدون غداء، فما وجدنا بعد خروجنا ما يباع ليؤكل.
كانت النية زيارة قرية (اليدمة): شرق حبونا ببعد، وزيارة (بدر) شمال حبونا ببعد أيضا، ذلك أن هاتين القريتين هما أشهر ما في المنطقة بعد مدينة نجران. وتأتي أهمية اليدمة كونها معقل السنيين من يام، إذ إن قبائل يام ليست كلها إسماعيلية كما سترى عند الحديث عن قبيلة يام، وكونها أيضًا تقع بين منقطة الجبال والرمل، في أقصى زاوية إمارة نجران الشمالية الشرقية، وتأتي أهمية (بدر) كونها معقل (المكارمة) دعاة المذهب الإسماعيلي في هذه الديار، وهي من أكبر القرى في