للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يومهم مع جيش النعمان بن المنذر]

كان هذا اليوم من أبرز أيامهم، وهو يوم دفاعيٌّ محض بالنسبة لبني سُلَيْم، اجتمع فيه عليهم جيشان: جيش النعمان بن المنذر، وجيش غَطَفان، فهزموا الجيشين معًا. وتفصيل ذلك أن النعمان وَجِدَ علي بني سُلَيْم في أمور فأراد أن يخضد شوكتهم، فبعث لهم جيشًا لتأديبهم، ومر هذا الجيش بإيعاز منه على غَطَفان، جيران بني سُلَيْم وأبناء عمومتهم من قيس عيلان، فقبلوا مزاملتهم لهم في هذه الحرب الهجومية. ووقعت المعركة الحاسمة بين الجانبين، فانتصرت بنو سُلَيْم انتصارًا مؤزرًا، وأسرت عمرو بن فَرتَنى مقدم جيش النعمان بن المنذر، فبعثت غطفان إلى بني سُلَيْم يطلبون منهم إطلاق سراح الأسير الكبير، وناشدوهم بالرحم التي بينهم إلَّا ما أطلقوا سراحه، فلم تستجب سُلَيْم لهذه المناشدة، وأجابت غطفان: بأنهم لم يراعوا هذه الرحم، كما لم يراعوا الجوار والصداقة التي هي بينهم، حينما أعانوا عليهم جيش النعمان بن المنذر القادم للتنكيل بهم، وسَبَيْ نسائهم وذراريهم، وقتل رجالهم وأبطالهم، وإهانة حرماتهم، وإذلالهم وإرغامهم، وإذن فلا صداقة بينهم ولا قرابة (١)، وقد قال في هذا المعنى أبو عامر جد العباس بن مرداس أبياتًا هي:

لا نسب اليوم ولا خلة … اتسع الفتق على الراتق

لا صلح بيني فاعلموه ولا … بينكم ما حملت عاتقي

سيفي وما كنا بنجد وما … فرفر قمر الواد بالشاهق

[يوم ذات الرمرم]

وهذا يوم آخر من أيام بني سُلَيْم، وكان يومًا أسود عليهم، لقد انتصرت فيه عليهم بنو مازن، والحرب سجال، وبنو مازن أخوة سُلَيْم مثل هوازن فجميعهم من منصور بن عِكْرمة بن خَصفَة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.


(١) العمدة، لابن رشيق، ص ٢١٧، الجزء الثاني، طبع مطبعة السعادة بمصر، وديوان العباس بن مرداس.

<<  <  ج: ص:  >  >>