للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبائل سُلَيْم في الجزائر بالوقت الحاضر

تمهيد: ذكر المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في تاريخ الجزائر الصادر عام ١٣٥٠ هـ / ١٩٣١ م على نفقة الشعب الجزائري قال:

ما يؤثر عن عبد الرحمن الكواكبي قوله: العرب يخالطون ولا يختلطون، فالعربي صعب الاندماج في غيره، شديد المحافظة إلى الدرجة القصوى على ذاتيته، غيور قوي الغيرة على عروبته وما تنطوي عليه من عوائد وأخلاق وسجايا، فترى القبائل العربية الكبرى في أرض الجزائر اليوم (في منتصف القرن الرابع عشر الهجري) وخصوصا المستقرة بالزاب والصحراء والهضاب العُليا أو المستقرة في عمالة وهران كبني عامر (زُغبة الهلالية) أو بني هاشم (١) (الأشراف) تعيش نفس العيشة التي كان عليها أسلافها وتتكلم نفس اللسان الذي كانوا يتكلمون به وتتخلق بعين الأخلاق التي كانت أخلاق السالفين، وقد حافظوا بعبارة أخرى على جميع الكليات والجزئيات التي كانت لبني هلال وبني سُلَيْم من حيث اللغة والاخلاق والعوائد والعقلية والنفسية، فالصبي العربي اليوم يمثل الصبي العربي النازح مع أبيه وأمه من الحجاز ونجد، والراعي العربي يمثل ذلك تمثيلًا صحيحًا الراعي الهلالي والسيد العربي اليوم هو نفس السيد العربي الذي كان يسود القبائل نحو بلاد المغرب، والمرأة العربية اليوم هي نفس المرأة التي تمثلها الجازية وتعرف من شهيرات بني هلال، إلى درجة أنك إذا استقر بك المقام في خيمة عربية في أي ناحية من نواحي الجزائر أمكنك أن ترى وأن تسمع نموذجًا حيا من نماذج العرب الأولين كأنهم لا يزالون يرعون السائمة بين الحجاز ونجد.

والعربي ذكي إلى درجة مفرطة فصيح طلق اللساد ولو كان أميا وكريم إلى


(١) قبيلة بني هاشم من ذرية السبط الحسين بن علي بن أبي طالب وينتمي إليها المجاهد البطل عبد القادر الجزائري الذي قاوم الغزو الفرنسي للجزائر في عام ١٨٣٠ م حتى عام ١٨٤٧ م ثم نفي إلى باريس ونقل إلى دمشق مع بعض أسرته وتوفي بها - رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>