يُدعى (حمود) يتلمس أجنحة وظهر الطير، وأثناء ذلك وجد (المسباق) فعرف بأن هذا الطير (صقر حر)، وأنه قد تاه من صاحبه، ولمس (الدمع) يذرف من عينيه فتأكد أنه جائع، فأمر أحفاده بأن يذهبوا ويحضروا له خروفًا من الغنم التي بالمرعى، فلما أتوا بالخروف إلى جدهم (ذبحه) إكرامًا لهذا الصقر الجائع الذي حلَّ ضيفًا على هذا الرجل وعلى بيته وقدَّمها له، وبعدها أتى صاحب الصقر فوجد (طيره) معززًا مكرمًا عند ذلك الشيخ الضرير، فشكره على ما فعله وأخذ طيره وذهب. وهو في طريقه كلما أتى إلى جماعة قصَّ عليهم قصة هذا الشيخ الضرير مع طيره، فانتشرت هذه القصة بين البادية في تلك المنطقة وتناقلوها حتى وصلت إلى مسامع الأمير (سليمان التركي السديري) أمير منطقة تبوك في ذلك الوقت. فأرسل الأمير رجاله ليتأكد من صحة هذه القصة، فعاد الرسول وأخبره بصحتها، فأمر الأمير بمكافأته بالنقود وأهداه أحد إبله وقال قصيدة بهذه القصة، وكذلك بعض من شعراء المنطقة، وحينها كان الشاعر محمد بن عاصي العطَّوي في مجلس الأمير فطلب منه أن يقول قصيدة في هذه القصة، فقال ابن عاصي: أرجو إعفائي من هذا؛ لأن الناس سوف يقولون:(عطَّوي يمتدح عطَّوي)، فألح عليه الأمير وقال هذه قصة حدثت ومثبتة. فقال ابن عاصي القصيدة التالية التي نظمها على لسان حمود ذلك الرجل المسن الكريم صاحب القصة، والشاعر هنا يسأله وهو يجيب حيث إن حمود حضر بعض الغزوات قبل العهد السعودي وله تجاربه.
[قصيدة إكرام الطير]
قال ابن عاصي العطيات العطَّوي:
أنا أسألك يا حمود يا مضيِّف الطير … وش ضيفتك للطير ياوي ضيفه
الله وعلم ما تعرف المخاسير … تذبح طلي للطير كله عليفه
الناس بالطليان (١) تجمع دنانير … وتذبح لطيْرٍ بالخضيري شخيفه
قال اسمع الجواب ما هي معاذير … حنَّا نعرف أثقالها والخفيفه
وعز الله أني أعرف بيع وتدبير … وبيع الطلي بفلوس ما هي كليفه
لا شك ضيف الله ما عنه مضاخير … أنا ضيَّفت الطير ما به مخيفه
(١) الطلي: وجمعها طليان تعني الخروف وجمعه خراف أو خرفان.