للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المقريزي فإنه تحدث بإسهاب عن هذه الهجرات في كتابه "البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب"، وقد عدَّد لنا القبائل العربية بمصر بقوله: "ولما قدم الغز صحبة أسد الدين شيركوه إلى مصر كان بأرض مصر من العرب طلحة وجعفر وبلِّي وجُهينة ولخم وجُذام وشيبان وعُذرة وطيئ وسُنبس وحنيفة ومخزوم، وفي جرائد الدولة الفاطمية منهم ألوف (١).

ومن النصوص التي تؤكد نزول أعداد هائلة من القبائل العربية في أرض الكنانة ما قاله الكندي في كتابه "الولاة والقضاة":

"إنه على عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك قدمت إلى مصر جموع من القبائل القيسية، فقد وفد عليها مائة أهل بيت من بني نصر، ومائة أهل بيت من بني عامر، ومائة أهل بيت من أفناء هوازن، ومائة أهل بيت من بني سُلَيْم، ونزلوا بلبيس وقد أمرهم هشام بالزرع واشترط عليهم ألا ينزلوا الفسطاط. وعندما مات هشام كان ببلبيس وحدها الف وخمسمائة أهل بيت "من قيس"، ثم أردف الكندي بقوله: "إنه على عهد الخليفة الأموي مروان بن محمد نزل مصر ثلاثة آلاف أهل بيت" (٢).

ولكي تكون دراستنا لموضوع هجرات هذه القبائل دراسة وافية ينبغي أن نرتب مراحل الهجرات ترتيبًا زمنيا.

أولًا - في العصور القديمة

لاحظ "أليت سميث" أن التكوين الجسماني للعرب الحديثين الذين يسكنون اليمن والحجاز والبدو الرحَّل الذين يفدون إلى مصر بين آن وآخر لا يختلف عن النماذج الجنسية التي عرفت من البقايا العظمية لسكان مصر في عصر ما قبل الأسرات، فإذا كان هؤلاء العرب الحديثون هم سلالة أولئك الذين كانوا يسكنون شبه جزيرة العرب منذ أقدم العصور البشرية، فإنه من الصعب أن نميز بين الهياكل البشرية المصرية وبين الهياكل العربية. وقد لوحظ فوق هذا أن جزءًا كبيرًا من العرب الحديثين يتفق في شكله مع سكان مصر في عصر ما قبل الأسرات، ومن


(١) المقريزي: البيان والإعراب ص ٣٣.
(٢) الكندي: الولاة والقضاة ص ٢٦ - ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>