(أما بعد يا أخي - فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، في كثرة ما نعصيه، ولقد بقيتُ متحيرًا فيما بين هذين: لا أدري كيف أشكره لجميل ما نشر، أو قبيح ما ستر).
[إثراء منصور وإنفاقه في الخير]
ويبدو جليا أن منصور بن عمار قد أثرى بِأخَرَةٍ، ونحن نراه ينفق إنفاق من لا يحسب للفقر حسابًا، قال محمد بن موسى: شهدَتُ منصور بن عمار القاصَّ، وقد كلمه قوم فقالوا له: هذا رجل غريب يريد الخروج إلى عياله، فقال لابنه أحمد بن منصور: يا أحمد، امض معهم إلى أبي العوام البزاز، فقل له: أعطه ثيابًا بألف درهم، بل بأكثر من ذلك، حتى إذا باعها صحَّ له ألف درهم.
ويمكن أن نستنتج من "تحويله" العطاء إلى أبي العوام البزاز، أن أبا العوام هذا ربما يكون وكيل دكان منصور بن عمار الذي يباع فيه البز - الحرير -، ولذلك حَوَّل عليه إعطاء الغريب من البز الذي بالدكان، وربما يكون أيضًا صديقه الأثير لديه الذي يعرف عن تجربة أنه سيدفع له قيمة ما حوله عليه من البز، والتأويل الأول أقرب عندي، وخاصةً إذا نظرنا إلى قول منصور في آخر كلامه:(حتى إذا باعها - أي الثياب - صح له ألف درهم)، فإن هذا التعليل للتحويل وإعطاء الغريب من بز الدكان الذي يعمل فيه أبو العوام - يضع أصابعنا على أن الدكان لمنصور بن عمَّار، ويدلنا في نفس الوقت على أنه لم تكن لديه نقود بهذا القدر يوم أمر بالتحويل على أبي العوام.
وفاته
توفي منصور بن عمار، ودُفن ببغداد، بباب حرب، ووُضِع على قبره لوح منقوش جمليه اسمه، وإلى جانبه قبر ابنه سليم، وهو غير ابنه أحمد الذي سبق ذكره آنفًا (١).
هذا، وقد ترجم الشيخُ عبدُ الرزاق البيطار، منصور بن عمار بن كثير السُّلَمي الخراساني الواعظ وسماه باسمه المذكور، وذكر اسم أبيه: عمار واسم جده