فأراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبدل مثل الجاهلية بمثل إسلامية متمثلة في شخصه - صلى الله عليه وسلم - في الكرم وفي علي بالشجاعة.
أما ولده عدي فقد نشأ وترعرع في أحضان جبلي أجأ وسلمى الشامخين، تتعهده عناية أب كريم، وتحنو عليه أم عطوف رؤوم، فهو قد ولد في بيت عربي أصيل ترفرف عليه أعلام السيادة، ويدين له الناس بالاحترام والطاعة، لقد كان كأجمل ما يكون فتى وأنضر ما تكون طفولة، وكأنه يعرف أنه سيخلف أباه حاتما في الرئاسة والسيادة، كما عرف أن هذه الزعامة في طيئ لم ينلها أبوه بالوراثة والنسب، وإنما تبوأها بالسجايا الحميدة والأخلاق الكريمة، وكان أبوه قدوة له في الجود والعفة والفروسية.
بأبيه افتدى عدي بالكرم ومن يشابه أباه فما ظلم.
وحفظ عن أبيه وصايا، فعمل بها وتركها كلمات مشرقة مسطورة في صفحات التاريخ بعد أن خضعت لأحكام الإسلام واهتدت بهداه، ففي (مجمع الأمثال): قال حاتم لابنه: "إذا رأيت الشر يتركك فاتركه"(١)، وقد ضلع عدي بمهام جسام تتجاوز حدود قبيلة طيئ، وتترك آثارا وفتوحا فيما وراء جزيرة العرب، وما كان يعلم أن أخلاقه الكريمة ومعدنه الأصيل، ستجد في مبادئ الإسلام وواقع الحياة الإسلامية تربة صالحة، فتنمو وتزدهر وتثمر ويصبح عدي في طليعة المسلمين ومن خيارهم، مسلما نقيا، وكريما نبيلا، وسيدا مطاعا، وجنديا مخلصا في جهاد أعداء الله.
[ثوران -منزل وقبر حاتم الطائي]
في معجم البلدان: قرية في أجأ أحد جبلي طيئ لبني شمَّر من بني زهير .. وقال البحري:"ومن شعاب أجأ ثوران".
ومدخل الوادي ضيق بحيث لو وقف عنده عدد قليل من الرجال لمنعوا من يحاول الدخول، ثم إن الوصول إلى مدخل الجبل يمر بمنعطفات أسفل الوادي وهي على اتساعها تثير حمايتها، والوصول إلى قرية حاتم وقومه كان صعبا كما يفهم من قوله:(لقد جهل مداخل سبلات).