لعلنا في نقطة البداية هذه عن قبيلة طيئ ومنها شمَّر نقف على مقصدنا من هذا كله ألا وهي قبيلة شمَّر التي انحدرت بأصولها من هذه المسيرة الخيرة الكريمة والتي كان من انتمائها إلى حاتم الطائي ما يجعل التاريخ يقف منها موقف الإعجاب والفخار، فشمَّر هي إحدى القبائل التي تنتمي في أصولها إلى ذلك الفرع الشامخ من قحطان.
ولعل ثعل بن عمرو بن طيئ والذي ينحدر منه حاتم الطائي هو نقطة الارتكاز بالنسبة لقبيلة (شمَّر) والتي تضم في تعدادها اليوم: "عبدة وزوبع وأسلم" وهي البطون الثلاثة التي تؤلف القبيلة الكييرة، والتي لعبت دورا رئيسيا هاما في مجمل الأحداث التي دارت على أرض الجزيرة العربية، وكان لها ولا يزال امتدادها الجغرافي البعيد، فهي وإن بحثنا عن هذا الامتداد نجده بدأ في بلاد اليمن في أرض تثليث وجبل سناعيس جنوبا وانتهى في بلاد الشمال في العراق وسوريا والأردن وحتى المغرب العربي .. إذن هي قبيلة لها من الحيوية وقوة الحركة ما جعلها تتبوأ مركزا متقدما في عداد القبائل المماثلة له كقبيلة عنزة مثلا.
وإن أكثر ما يشدني إلى انتمائهم إلى ثُعل بن طيئ هو ما تمثل به رجالاتها من كرم وجود وسخاء وشجاعة وفروسية، كلها معاني تمثلت في رجالات القبيلة الأم "طيئ" ومنها الكريم السخي صاحب الكف الندي حاتم بن عبد الله بن سعد الذي ضرب بجوده وسخائه المثل. فنحن سنعثر في مسيرتنا مع هؤلاء الرجال على من جاءت صورة كرمه وجوده وشجاعته مطابقة إلى تلك الصور التي طالعتنا بها أمهات كتب التاريخ التي أنصفت بمجملها كل المعاني الخيرة في مسيرة قبيلة شمَّر، وبما أن الشعر هو ديوان العرب كما قال الأقدمون، وإنه الأداة المعبرة عن إرادة وأفكار كل مجتمع فلا بد لنا، والحالة هذه من إن نعثر على ومضات تاريخية تنير لنا دربنا في البحث والتنقيب، فنجد مثلا في هذه اللوحة الشعرية على لسان شاعر من شعراء شمَّر يثبت حقيقة انتمائهم أولا إلى قحطان: