للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما مات سنة ثمانين هجرية، شهد جنازته أهل المدينة كلهم، ورثاه الكثيرون ومنهم أبان بن عثمان أمير المدينة الذي وقف على حافة قبره، ودموعه تسيل على خديه، وهو يقول:

كنت واللَّه خيرًا لا شر فيك، وكنت واللَّه شريفًا واصلًا برا.

وقال هشام المخزومي: أجمع أهل الحجاز والبصرة والكوفة على أنهم لم يستمرا بيتين أحسن مما كتب على قبر عبد اللَّه وهما:

مقيم إلى أن يبعث اللَّه خلقه … لقاؤك لا يرجى وأنت قريب

تزيد بلى في كل يوم وليلة … وتنسى كما تبلى وأنت حبيب

هذا هو الذي اختاره الإمام علي بن أبي طالب زوجًا لابنته الطاهرة زينب، التي بلغت من تعلق أبيها بها، إن أبقاها معه، حتى إذا ولي أمر المسلمين وانتقل إلى الكوفة، انتقلت وزوجها فعاشا في مقر الخلافة في رعاية أمير المؤمنين.

[معركة كربلاء ونجاة علي زين العابدين مؤسس السلالة الحسينية]

خرجت السيدة زينب مع الحسين وبقية أهل البيت إلى كربلاء، حيث استشهد الحسين رضي اللَّه عنه (١).

تحرك موكب الأسرى والسبايا من أهل البيت النبوي الكريم، وما كاد الركب يمر على ميدان المعركة، حتى صاحت النساء، ولطمن خدودهن، وصاحت زينب:

يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء مرمل بالدماء مقطع الأعضاء، يا محمداه هذه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا.

فأبكت كل عدو وصديق.

ودخل الموكب الحزين الكوفة.


(١) مظالم آل البيت، لصادق مكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>