للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضت كتيبة الإيمان حتى إذا كانت بتخوم البلقاء، لقيتهم جيوش "هرقل" فانحاز المسلمون إلى قرية "مؤتة" ودارت معركة رهيبة، قاتل فيها "زيد" براية الرسول الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر بن أبي طالب؛ فقاتل بها حتى إذا الجمه القتال عن فرس له شقراء فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل، فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام فرسه.

وروي أن الرسول الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أتاه نعي جعفر، دخل على امرأته أسماء بنت عميس، فعزاها فيه ودخلت فاطمة الزهراء -رضي اللَّه عنها- وهي تبكي وتقول: واعماه!

فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: على مثل جعفر فلتبك البواكي.

ودخله من ذلك حزن شديد حتى أتاه جبريل، فأخبره أن اللَّه قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بها مع الملائكة في الجنة (١).

وكان عبد اللَّه بن جعفر أول مولود في الإسلام في هجرة الحبشة، وبايع الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن سبع سنين، وزاد حبه له وعطفه عليه بعد موت أبيه جعفر، حتى إنه مسح على رأسه وقال:

"اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك في صفقة يمينه -قالها ثلاث- وفيه - وأنا وليهم في الدنيا والآخرة".

كان عبد اللَّه كريمًا جوادا حليمًا، يسمى بحر الجود. وقد وصفه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- فقال: "كان للَّه ذكورا، ولنعمائه شكورا، وعن الخنا زجورا، جواد كريم، وسيد حليم، إن ابتدأ أصاب، وإن سُئل أجاب، غير حصر ولا هياب، ولا فحاش عياب، حل من قريش في كريم النصاب كالهزبر الضرغام، الجرئ المقدام، ليس يدعى لدعي، ولا يدنو لداني".


(١) راجع المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>