يتحمل متاعه من بيته إرفاقًا بالمنكوب. ومن المحاسن الجديرة بالذكر أنه عندما يعترى القحط أهل جهة ما، فإن القبيلة المنكوبة تأتي إلى القبيلة المجاورة لها بأبقارها وأغنامها، فتشترك معها في خيرها ومائها وكلائها عن طيب نفس.
التعاون في قِرى الضيف (١):
من محاسن أهل هذا الإقليم التي قل أن توجد في غيره، أن القبيلة عندما تستضاف أو يستضاف أحدها قلت منزلته أم عظمت، تهرع إليه لاستقبال ضيوفه خارج البلدة في هيئة حسنة حاملة سلاحها، وما يستظرف من ملابسها لمقابلة الضيف بالترحيب والتسهيل، فما هي إلا أن تشاهد الضيف فتطلق العيارات النارية في الفضاء ابتهاجًا بمقدمه، ثم تصطف في هيئة منظمة متراصة صفا واحدًا، ثم بعد أداء التحية التقليدية يتقدم إلى الضيف كبير القبيلة ومعه المضيف واثنان أو ثلاثة من كبار القبيلة، فيصافحون الضيف، ثم يستقدمه المضيف إلى بيته ومعه جمهور القبيلة، وبعد أن تدار عليهم القهوة العربية في جو من الإخوة والفرح والسرور وتبادل كلمات الود والمكارم، يقدم المضيف الموائد في صالون خاص، فيقوم الضيوف إلى محل الطعام، وهناك يغلق عليهم باب الصالون، ويخلى بينهم وبين الطعام، فيتغذى الضيف بحرية حتى إذا فرغ من أكله أشعر المضيف بقوله:"زادك، زادك اللَّه من فضله". وهنا يأتي إليهم المضيف وكبار القبيلة، ثم يقدم المضيف أفراد قبيلته على الموائد أرسالا أرسالا حتى إذا فرغوا من الطعام يخرج كبير القبيلة ومعه أفرادها، فيعقدون اجتماعًا عامًا في ساحة القرية للتشاور فيما يجب في حق الضيف، وأخيرًا ينتهي الاجتماع على القرارات الآتية:
١ - انتخاب ثلاثة أشخاص أو أكثر على قدر منزلة الضيف لملازمته، ومحادثته ومؤانسته والتناقل معه حيثما كان وتفقد أحواله، وما يحتاج من كماليات على غرار بعثة الشرف التي تفعل عند العظماء في العواصم.
٢ - تهيئة أشخاص من ذوي اليسار للقيام بضيفته على حساب القبيلة عندما يجري انتقاله من بيت مضيفه الخاص.