عندما أهلَّ القرن التاسع كانت بنو حرب قد وصلت في زحفها جنوبًا إلى غران، وكان سكانه هُذَيْل، فحدثت بين القبيلتين مناوشات وحروب صغيرة فتنادوا إلى مؤتمر في عسفان، يقول فيه شاعرهم:
جونا رجال البلادية وجو لحيان وهذيل (١) … وزبيد تركم على عسفان من قبل الطلوعِ
ومما قيل عن هذا المؤتمر أن الاتفاق تم فيه على ما يأتي:
١ - تجلو هذيل وحلفاؤها إلى ما وراء مَرِّ الظهران وتسلم هذه الأراضي لحرب.
٢ - تتعهد كل منهما بعدم غزو الأخرى وتعقل ما يحدث من رجالها، ولا تمرر عدوًا على الأخرى.
٣ - تؤمن كل منهما قوافل الأخرى في ديارها.
فجلت هذيل عن الديار الواقعة بين واي غران إلى مر الظهران فاستوطنتها قبائل من بني عمرو الحربية.
ويقال أن أمير مكة أرسل للمؤتمرين يخبرهم أن هذه الأرض "دولية" أي للدولة، ولكن لم يلتفت أحد إلى قوله!.
وظل هذا الاتفاق سائدًا لم ينقض إلى أن أهل القرن الرابع عشر الهجري، ثم حدثت أيام دامية بين القبيلتين في فخ ومنى وغيرهما. ولقد استفادت القبيلتان من هذه المعاهدة، والاتفاق دائمًا خيرًا من الشقاق، فهذيل ظلت - كما ذكر المعمرون - قوافلها تروح وتغدو بين مكة والمدينة لا يعترضها أحد، وهذه الميزة لم
(١) لحيان: إحدى عشائر هذيل، ولكن الشعر احتاج إلى هذا اللفظ.