هؤلاء هم البربر المستقرون الذين ينزل معظمهم في المناطق الساحلية القريبة من البحر والأخرى الجبلية الممتدة عبر المغرب، وفي هذه المناطق التي تطيب فيها التربة وتكثر الأمطار تكون الزراعة ميسورة والحياة المستقرة بداعي المصلحة أمرًا مفروضًا، وقد تمكنت قبائل البرانس بحكم استقرارها ومجاورتها لسيف البحر أن تتحضر وتتأثل المال وتستفيد مما كان المهاجرون والفاتحون الأجانب يأتون به من مدنيات وثقافات، كما نمت فيها لنفس السبب روح المقاومة وكثر تعلقها بالأرض التي تقيم فيها والتي لم تألف أن تبرحها كالبتر الرحَّل، وهذا ما جعلها تستميت في مقاومة العرب لأول الفتح الإسلامي، بينما وضع البتر أيديهم في أيدي العرب لتشابه الحياة عند الفريقين واستهدافهما لكثير من المقاصد المنبعثة عن غرائز طبعا عليها أو عادات ألفاها.
وقد وصفهم ابن خلدون فقال: إنهم كانوا على عهده من أوفر قبائل البربر وأكثر أهل المغرب، فلا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم، في جبل أو بسيط، حتى زعم كثير من الناس أنهم الثلثان من البربر، وكان لهم في الحروب ذكر، وفي الخروج على الأمر شأن.
أما شعوبهم فاتفق النسابون على أنها منحصرة في سبعة:
أ - ازداجة: ويعرفون أيضًا بوزداجة، ويعدهم بعض النسابين البربر من البتر، ويقال: إن ازداجة من زناتة، ووزداجة من هوارة.
ب - أوربة: بنو أورب بن برنس، وهي بفتح الألف وفتح الواو وسكون الراء، وتعرف اليوم بوربة فقط.
ج - أوريغة: بنو أوريغ بن برنس، ويزعم كثير من النسابين أنهم يرجعون إلى أصل عربي.
د - كتامة: بنو كتام أو كتم بن برنس، ويؤكد نسابو العرب أنهم عرب حِمْيَريون.