للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موطنهم الأول يقطعون الطريق على الحجيج! وقد رأينا القلقشندي يعتمد على ابن خلدون فيقع في الغلط الذي وقع فيه من اعتمده.

وجدير بالذكر أيضًا أن نقرر بصفة إجمالية هنا أن بني سُلَيْم الجنوبيين المقيمين بجبال السراة بمنطقة عسير والذين ربما انتشر بعضهم إلى اليمن، ليسوا من بني سُلَيْم الشماليين في قبيل ولادبير، من قبائل زهران فأولئك أزديون قحطانيون، وهؤلاء قيسيون عدنانيون. وكل ما في الأمر أن جامعة العروبة والإسلام تجمع الجانبين معًا.

تحديد ديار سُلَيْم الأصلية:

يبدو لي أن تحديد ديار بني سُلَيْم الأولى يقتضي سعة نظر، فحدود بلادهم هذه مَرِنَةٌ مطاطة، تتسع وتضيق حسب الظروف والأحوال الاجتماعية السائدة لديهم ولدى من يجاورهم ويُصاليهم من العرب المماثلين.

ومن أوائل من قدَّموا لنا تحديدًا واضحًا لديارهم، الحسن الهمداني .. قال: (فمن وادي القِرَى إلى خيبر إلى شرقي المدينة، إلى حد الجبلين، إلى ما ينتهي إلى الحرَّة: حرة بني سُلَيْم - لا يخالطهم إلا صِرَمٌ - جماعات - من الأنصار سيّارةُ، وقد يحالون طيئا) (١).

وعند الهمداني أن "السوارقية" و"صُفينة" داخلتان في ديار بني سُلَيْم (٢) .. وقد تغير ذلك فيما بعد في العصور المتأخرة فقد حدثنا محمد بن بليهيد - وهو مؤرخ ورحالة سعودي معاصر - بأن "السوارقية" و"صُفينة" تغلِّبت عليها بنو عبد الله بن غَطَفان، كما تغلَّبت على جميع الحِرار بهما (٣).

وقدمت لنا "دائرة المعارف الإسلامية" تعريفًا لديارهم فضفاضًا حينما قالت: "وتقوم منازل سُلَيْم على طول حدود نجد والحجار، ويتاخمها من الشمال أرض المدينة، ومن الجنوب أرض مكة، وكان جيرانها من الشرق قبيلتي غَطَفان، وهَوَارِن بن منصور، وهما من بني عمومتها من قيس عيلان.


(١) صفة جزيرة العرب، "للهمداني، ص ١٣١، طبعة مصر.
(٢) المصدر السابق، ص ١٧١.
(٣) تعليقات محمد بن بليهد على كتاب صفة جزيرة العرب، للهمداني. وقد حددت لنا البعثة الأمريكية الزراعية في تقريرها المطبوع بمصر صفينة وعرفتها لنا إذ قالت (ص ١٤٠): "صفينة: في قرية صغيرة واقحة تقريبا على بعد ٤٥ كيلو مترا من المهد وعلى بعد كيلو مترين ونصف إلى جنوب مركز المضخة رقم ٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>