هذا صحابي جليل لا يحسن بنا أن نذكره في فترة ما قبل الإسلام ولكن ولادته كانت قبل البعثة، وشب وترعرع في بادية نجد وتعلم الشعر هناك، والحديث عن حياته بعد إسلامه ليس هذا موضعه ولكن نسوق قصته مع الشعر في الجاهلية:
قال أبو العباس: تحرك كعب بن زهير بقول الشعر فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لَمْ يستحكم شعره فيروي له ما لا خير فيه، فكان يضربه في ذلك، ففعل به مرارًا يضربه وينتهره فغلبه فطال ذلك عليه فأخذه فحبسه. ثم قال: والذي أحلف به لا تتكلم ببيت شعر ولا يبلغني أنك تريغ الشعر (أي تطلبه) إلَّا ضربتك ضربًا ينكلك عن ذلك فمك، محبوسًا عدة أيام ثم أخبر أنه يتكلم به فدعاه فضربه ضربًا شديدًا ثم أطلقه وسرحه في بهيمه وهو غليِّم صغير فانطلق فرعاها ثم راح بها عشية وهو يرتجز:
كأنما أحدو ببهمي عيرًا … من القرى موقرة شعيرًا
فخرج زهير إليه وهو غضبان فدعا بناقته وكَفَلَها بكسائه. ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب فأُخذ بيده فأردفه خلفه، ثم خرج يضرب ناقته وهو يريد أن يتعنت ابنه كعبًا ويعلم ما عنده ويطَّلع على شعره فقال زهير حين برز من الحي:
إني لَتُعْديني على الهمّ جَسْرة … تَخُبُّ بوصَّال صروم وتَعْنِقُ
ثم ضرب كعبًا وقال أجز يالكع "أجز قل هذا، واللكع الليثم الأحمق" فقال كعب:
كبناية القريبي موضع رحلها … آثار سعيها من الدف أبلق
فقال زهير:
على لاحب مثل المجرة خلته … إذا ما علا نشزا من الأرض مهرق