للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول شاعر الشرارات واسمه ابن ماضي عقب هذه الوقعة:

لا عادت اليوم غزوتنا … على ديار الحويطات

أمس الضحا الخيل … لحقتنا تقول عرازيل (١) حولاتي

من كلّ الأشناق (٢) ضبتنا … بزرا على الرأس ماذاتي (٣)

الذيب إذا جاء معاركنا … يلقى الولايش (٤) كثيراتي

ويقول الرواة عن هذه المعركة: إن الشرارات لَمْ يعد منهم سوى رجل واحد (٥) عفي الحويطات عنه ليعود إلى نسوة القتلى ويخبرهن مصير رجالهن!، وقد أسموها معركة أبو عمود، بعدها اكتسب عودة أبو تايه شهرة وقوة ليس داخل ذويه وعشيرته ولكن خارج نطاق الحويطات في القبائل المجاورة، وقد اكتسب صداقة مع شيخ سنجَّارة من شَمَّر وصاهره في ابنته وقيل أن اسمه (غضبان بن رمال)، وقد وقف أبو تايه معه ضد منافسيه على المشيخة.

[محاولة قتل عودة أبو تايه من قبل الأتراك العثمانيين]

كان الحويطات يتلقون رواتب شهرية من باشا مصر باعتبارهم حرَّاس القوافل للحجيج ويحفظون المؤن في العقبة لتزويدهم بها، ومنذ عام ١٨٨٢ م وقعت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي وظلَّت سيناء كلها منطقة تابعة للدولة العثمانية والتي حاولت بدورها أن تفرض على العشائر بها الضرائب إظهارًا لنفوذها، فأوعزت بذلك إلى متصرف الكرك الذي طالب عودة أبو تايه بضرائب سنتين متتاليتين، وكان المبلغ كبيرًا باعتبار أن الحويطات يقطنون في العقبة وسيناء والشراة والطفيلة ويدخل في حلف معهم كلّ العشائر الموجودة في المنطقة، فلما رفض عودة أبو تايه طلب الحكومة العثمانية أرسلت قواتها لتحصيل الضرائب بالقوة الجبرية، وقد أطلق جنديان تركيان النار على عودة الذي نجا بأعجوبة، وقد كرَّ مع فرسان الحويطات على القوة العثمانية وهزمها وقتل الجنديين اللذين أطلقوا النار عليه،


(١) عرازيل: عناقيد.
(٢) الأشناق: الجهات أو الأركان الأربعة.
(٣) ماذاتي: الرصاص.
(٤) الولايش: الجثث.
(٥) وهذه الرواية مبالغ فيها والحقيقة غير ذلك، فقد ذكر تاريخ شرق الأردن عن هذه المعركة بكل حيادية (ص ٣٢٤) أن خسائر الطرفين في هذه المعركة كانت قتيل، وأن النصر كان حليف أبو تايه ومن معه من الحويطات، كما ذكر أن هجوم الشرارات أصلًا على الحويطات كان ردًّا على اعتداءات مسبقة عليهم من أبو تايه.

<<  <  ج: ص:  >  >>