للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلا، فقد أشعلوها نارًا من تحت أقدام المستعمر الفرنسي حتى ولَّى مذعورًا ليس من الجزائر وبلاد المغرب العربي فحسب وإنما من كل إفريقيا في سنوات قلائل، والثمن هو مليون ونصف مليون شهيد من شعب الجزائر البطل قد سقطوا في ساحة الشرف والجهاد، لتشرق شمس الحرية بعد عشرات السنين من الظلم والعبودية على شعوب القارة الإفريقية حتى نهاية العقد السادس من القرن العشرين الميلادي.

[نبذة عن فرسان بني هلال في القرن الخامس الهجري]

قال ابن خلدون في العبر: كان لبنو هلال رجالات وفرسان مذكورين أشهرهم وأشرفهم حسن بن سرحان وبدر وفضل ابنا ناهض وينسبون في دُرَيْد من الأثبج من هلال بن عامر، وماضي بن مقرب وهو من بني قُرَّة من الأثبج، والأسمر سلامة (١) الفارس الشهير وينسبونه في بني كثير من بطون كرفة من الأثبج، وشبان بن الأحيمر وأخوه صليصل وهم من بني عطية من كرفة من الأثبج، كما أن هناك الفارس الشهير ذياب بن غانم (٢)، وينسب في ثور وهم من فروع ربيعة بن عامر من هوازن، وموسى بن يحيى وهو من بني صُنبر من بطون مرداس من رياح، وزيدان بن زيدان وهو من الضحاك من الأثبج، وهناك زيد العجاج بن فاضل وقد زعم البعض أن زيدًا مات بالحجاز، وأيضًا فارس بن


(١) الأسمر سلامة الشهير بأبي زيد الهلالي وهو سلامة بن رزق بن نايل من بني كثير من كرفة من الأثبج، وأعتبره من أغربة العرب، وكلما أسلفنا أنهم ثلاثة كلهم من قيس عَيْلان من مُضَر العدنانية، وبذلك يكون الهلالي سلامة رابعهم في عهد الإسلام. وأما هم في عهد الجاهلية ويكون الثاني من هوازن؛ فالأول كان من بني سعد (هوازن) أما هو فمن هلال (هوازن)، وكانت أمه خضرة من بني جعفر الأشراف وشهرتها خضرة الشريفة، ويقول الرواة في السيرة الشعبية الهلالية في مصر أن خضرة وهي حامل في أبي زيد المسمى سلامة كانت تملأ جرة من عين ماء فرأت طائرًا ريشه أسود من الجوارح يضرب الطيور كلها عند الماء فأعجبها فطلبت من المولى أن يهبها غلامًا مثل هذا الطائر وأن يكون فارسًا لا يغلبه أحد، فلما وضعته أسود البشرة أنكره أبوه وبنو هلال من رهطه، فطردها إلى أهلها بصحبة ابنها فتربى في البادية وصار فارسًا مقدامًا لا يُشق له غبار، فلما ذاع صينه اعترت به أهله وضموه إليهم فصار من فرسانهم، وقد دخل معهم إلى تونس وله ملاحم كثيرة وفروسية في طريقهم وفي تونس، وقد صنع حوله الشعراء في مصر هالة من الخرافات والقصص الأسطورية ونسجوا الخيال الواسع الذي لم يكن له أصل في الحقيقة أو التاريخ.
(٢) ذياب بن غانم قول ابن خلدون هنا أنه من بني ثور ولكن المشهور عنه أنه من زُغْبة هو الزُّغْبي ذياب بن غانم قاتل خليفة الزناتي الذي دوَّخ الهلالية عدة سنوات وقتل العديد من فرسانهم، فتمكن منه ذياب وضربه بحربة في عينه فخرَّ صريعًا، وذكر ابن خلدون أنه قُتل في لواحي الزاب في الجزائر، أما القصص الشعبي فيذكر أنه قُتل في مدينة تونس، وطبعًا التاريخ أصح لابن خلدون.

<<  <  ج: ص:  >  >>