للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قاله مبارك الميلي الهلالي عن قبائل البربر في الجزائر (١)

[تمهيد]

عرف البربر في العرب أساتذة ماهرين مخلصين لا فاتحين غالبين يسوسونهم بالعسف، ويسومونهم سوء العذاب، ثم يمنون عليهم بأنهم تعبوا في تمدينهم أو يملكون عليهم أراضيهم، ثم يسبونهم بأنهم لا يحسنون تعميرها.

ترقى البربر في ظل الحكومة العربية، ولكنهم أسرعوا بطلب الاستقلال قبل قدرتهم عليه، وإنما بعثهم على ذلك ما بقي فيهم من عروق الفوضى ومنافسة قبائلهم بعضها لبعض، حتى إذا جاء الدور العبيدي أتموا دروسهم العملية في الحياة النظامية فأصبحوا قادرين على الاستقلال.

وفي القرن الخامس استقل البربر بوطنهم من غير كفران لفضل العرب، فكانت حكومات صنهاجة معترفة بالسيادة العباسية أو الفاطمية، ثم ظهرت دولة الموحدين في القرن السادس، فلم تعترف بالسيادة للفاطميين أو العباسيين، إذ كانت دولتاهم يومئذ على فراش الاحتضار.

وكان عصر الموحدين هو شباب العصر البربري، اتحد فيه سكان المغرب أجمع تحت راية واحدة، وبلغوا من حسن الإدارة وانتشار المعارف ورقي الحضارة مبلغًا عظيمًا، ثم أخذ هذا العصر في الهِرم، حتى غلب الإسبان على كثير من السواحل وجاء الأتراك فقضوا على ما بقي للبربر من استقلال. والحق أن البربر يومئذ ليسوا بأهل للحكم كما أن الأتراك ليسوا بأهل للسياسة.

كان مبتدأ العصر البربري في القرن الخامس ومنتهاه في القرن العاشر، وحكم أثناء هذه المدة ست دول كبرى هي: دول بني حماد، والمرابطين، والموحدين، والحفصيين، وبني مرين، وبني زيان.


(١) تاريخ الجزائر (الجزء الثاني) الناشر مكتبة النهضة الجزائرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>