ومعرفة أنساب القبائل البربرية ومواطنها ما يعين على ما كان بينها في هذا العصر من ولاء وحلف أو عداء وسيف، فرأينا أن نعيد القول في ذلك بما يناسب هذا العصر.
وقد شاء الله أن يكون للعرب وجود جنسي في عصر البربر السياسي، كما كان للبربر وجود جنسي في عصر العرب السياسي؛ غير أن بين الوجودين فرقًا، فإن العرب مؤثرون في البربر في العصر العربي سياسيا ودينيا؛ وفي العصر البربري اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا أيضًا.
ويقطن الوطن الجزائري من البربر: زناتة، وصنهاجة، وكُتامة، وزواوة، وعجيسة، وازداجة، ومسطاسة، وبنو فاتن، وبطون من لواتة، ونفزاوة، وهوارة، وزواغة، ومكناسة، ومصمودة، ولمطة، وأوربة. ومن هذه القبائل والبطون ما لها فروع في بقية المغرب، ومنها ما ينتسب في العرب القحطانيين أو العدنانيين انتسابا دعا إليه حب العرب لا ثقة الرواية بالنسب.
ولقد ذكرنا هذه القبائل والبطون سالفا، ثم ظهرت بطون وأفخاذ كان لها شأن في هذا العصر البربري، وتغيرت مواطن كثيرين منهم إما بهجوماتهم بعضهم على بعض كما فعلت صنهاجة بزناتة، وإما بهجومات الهلاليين. فنبين في هذا الباب ما حدث من بطون وما تجدد من أوطان بما يناسب العصر البربري.
وقد رأينا أن نتبع ابن خلدون في أسلوب الحديث عن البربر، فنذكر كل قبيلة على حدة، فإن ذلك أدخل في البيان وأنسب بالحياة البربرية المستقلة قبائلها بعضهم عن بعض، وإذا كانت البطون صغيرة جمعناها في فصل لقلة الكلام عليها.