للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليبتاعهم قومهم، فغدوا جميعًا إلى الخلصاء (١)، وفيهم قيس بن الحدادية، فأخرجوهم وجعلوهم في حظيرة ليحرقوهم، فمر بهم عدي بن نوفل فاستجاروا به فابتاعهم وأعتقهم، فقال قيس يمدحه:

دَعَوتُ عَديًا والكبولُ تَكبُّنِي … ألا عَديُّ يَا عَديُّ بنُ نَوفَلِ (٢)

دَعَوتُ عَديًّا والمنَايَا شَوَارِعٌ … ألا يَا عَديُّ الأسيرُ المُكَبَّلِ (٣)

فَمَا البحرُ يَجرى فى السَّفينِ إذَا غَدَا … بأجودَ سيبًا مِنْهُ في كُلِّ مَحْفَلِ (٤)

تَدارِكَت أَصْحُابَ الحظيَرةَ بَعْدَمَا … أصَابَهُم مِنَّا حَريقُ المُحَلَّلِ (٥)

وَأَتْبَعْتَ بينَ المشعَرَينِ سَقَايَةً … لحجَّاجِ بيتِ اللَّهِ أكَرَمَ مَنْهَلِ (٦)

[شوق وحنين]

قال قيس بن الحُدادية:

بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى القَلبُ مُشتاقا … وَأقْلَقَتهَا نَوَى الإزْمَاعِ، إقْلاقَا

وَهَاجَ بالبَين، منها، مهْجَسٌ فَجِعٌ … قَدْ كَانَ، قدْمًا، بفَجْعِ البَينِ نَعَّاقَا

أضْحَتْ مَنَازِلُهَا، بالْقَاعِ، دارِسةً … إِلَّا نُئيّا، كَوَشْمِ الجَفْنِ، أخْلاقَا (٧)

أَدْنَى الإماءُ جَمالاتٍ قُراسيةً … كَوُمَ الذُّرَى، مُوَّر الأعضاد، أَفْنَاقَا (٨)

أنَّى أُتِيحَ، لَهَا، حِرْبَاءُ تَنْضُبَةٍ … لا يُرْسِلُ السَّاقَ، إِلَّا مُمْسِكًا سَاقَا (٩)


(١) الخلصاء: بلد بالدهناء، والدهناء من ديار بني تميم بنجد.
(٢) هو عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة. والكبول: جمع كبل، وهو أعظم ما يكون من الأقياد. وكبه: قلبه وصرعه.
(٣) شوارع: جمع شارعة، أي مسددة، من شرعت الرماح أي تسددت.
(٤) السيب: العطاء.
(٥) المحلل: أي من حلل إحراقنا في الأشهر الحرم.
(٦) الأغاني ١٣/ ١٤٦.
(٧) التي: جمع التؤي، وهو الحفيرة حول الخيمة تمنع عنها ماء المطر. والجفن: غمد السيف والأخلاق: البالية.
(٨) القراسية: الضخمة الشديدة. والكوم جمع أكوم. وهو البعير العظيم السنام. ومور: جمع ماثر وهو المائج السريع الحركة. والأفتاق: الفحول: المكرمة.
(٩) تنضبة: شجرة تألفها الحرابي، والحرباء إذا لجأ إلى شجرة فزالت عنها الشمس تحول إلى أخرى أعدها لنفسه. وهذا مثل يضرب للمحلف، أي لا يدع حاجة إلا سأل عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>