و - ما قاله أحمد وصفي زكريا عن شمَّر في محافظة الجزيرة بسوريا (١)
شمَّر قبيلة عظيمة تلي قبيلة عنزة بكثرة الجموع، ووفرة الفروع، ومنعة الجانب، وتمتار بما لشيوخها وسرواتها آل الجربا (آل محمد) من الأصول الراسخة، والأمجاد الباذخة، وذيوع الصيت بالبطولة، واتساع الملك والثروة، ولاسيما بالمواقف الوطنية المحمودة، مما سوف نذكره في الصفحات التالية.
وأبناء هذه القبيلة يوصفون بكلمات زينو المحازم، وعيون الحصن، وعقبان ديم، وسودان الروس، وهم يقدروا، ب ١٥٠٠٠ بيت، ثلثاهم في العراق، وثلثهم في الشام، مازالوا على بداوتهم الصرحاء في الغالب، يعيشون على تربية الإبل والغنم ويضربون في براري الجزيرة الفراتية، وينجعون طلبا للكلأ نجعة بعيدة تمتد من الشمال إلى الجنوب من قرب القامشلي إلى أراضي أبي غريب غربي بغداد، ومن الشرق إلى المغرب من جوار تل أعفر إلى ما بين الخابور والبليخ داخل البلاد الشامية والعراقية، ومن ثم كان بعض شمَّر من تبعة الحكومة العراقية (لواء الموصل) وبعضها من تبعة الحكومة الشامية (السورية - محافظة الجزيرة)، والحدود الموضوعة بين القطرين الشقيقين العراق والشام حدود وهمية، تجتازها عشائر شمَّر في القطرين، بكل حرية ويتصل بعضها ببعض، ويشتركون في السراء والضراء.
وتختلف شمَّر عن عنزة بأنها قحطانية وعنزة عدنانية، وأنها ليست كعنزة من أرومة واحدة، بل هي مجموعة عشائر متنوعة ومتفرقة وكثيرة، يعضها يمت في أرومته إلى قبيلة طيئ القديمة التي هي من قحطان، ويعد هذا البعض أصل شمَّر، وبعضها يمت إلى قبائل قحطانية أخرى بعيدة؛ أي أنها تتفق جميعا في الانتساب إلى نجار واحد هو القحطانية وإن بعدت فروعها، ومساكنهم الأصلية في نجد جبلا طيئ (أجأ وسلمى)، ثم اشتهروا باسم شمَّر كما اشتهر جبلا طيئ المذكوران باسمهم، بعد أن أزاحوا طيئا وزبيدا منه، وحلوا محلهم فصار اسمه جبل شمَّر. قال حافظ وهبة في كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين): إن
(١) انظر عشائر الشام - أحمد وصفي زكريا، تقديم المحامي أحمد غسان سبانو، ص ٦١٢ وما بعدها، الناشر - دار الفكر المعاصر - بيروت، دار الفكر - دمشق.