اسم جبل شمَّر يطلق على السهل الواسع الممتد بين جبلي أجأ وسلمى الذي تسكنه قبائل شمَّر المشتغلة بالزراعة، وفي شعاب هذا الجبل ينابيع غزيرة وأراضين خصبة ونخيل كثير، والعاصمة حايل، ومن قراه فيد وقفار وعقدة وتيماء. وقال عباس العزاوي في كتابه (عشائر العراق): "إن شمَّر ليس جدا وإنما هو وصف لحقهم؛ وذلك أنهم من خرج من القحطانيين من اليمن، وكانت قد ألحفتهم السنون، فهاجروا إلى أنحاء جبلي أجأ وسلمى، فوجدوا فيها قبائل طيئ وزبيد فدفعوهم، فمال هؤلاء إلى أنحاء العراق والشام وغيرها، والظاهر أن هذه القبائل كان بينها خصام وخلاف، فحالف قسم منها القبائل القحطانية القادمة من أنحاء اليمن، فانتصر على عدوه، ومن ثم تولى السلطة والرئاسة على قبائله والقبائل المتحالفة معه، والكل يرجعون إلى القحطانية، فإن طيئا من قحطان أيضًا، فصار الكل يدعى باسم البطن (شمَّر) المنتصر على عدوه، وقيل للجميع (شمَّر) تقليدا، وإلا فلا تزال قبائل عبدة من شمَّر تمت إلى القحطانية رأسا، وقبائل الأسلم تمت إلى طيئ، وكذا قبائل زوبع" اه.
وعشائر شمَّر المتفرقة في الأواصل والمنابت قد اجتمعت من بعد، وكونت مجموعة أحلاف قوية، ثم نزح قسم كبير منها إلى العراق والشام، وبقي قسم في نجد على ما سنذكره، لكن العشائر الباقية في نجد، والعشائر التي نزحت إلى الجزيرة الفراتية، وإن كانت قد انفصلت جغرافيا، إلا أن بطونها وأفخاذها هناك وهنا واحدة، وصلة الرحم بينهما محكمة، فترى أحيانا جماعات من شمَّر الجزيرة تذهب إلى نجد، لقضاء فصل من فصول السنة طلبا للمرعى، وترى جماعات ممن تخلفوا في نجد تنزح وتلتحق بأنسابها في الجزيرة، وهكذا دون انقطاع تام بين الأصول والفروع، مما يجدد ويقوي أواصر القربى.
تاريخ شمَّر: إن هجرة عشائر شمَّر من أوطانها في نجد إلى ديار العراق والشام كانت متقطعة ومتتالية، كهجرة عشائر عنزة، وقد حدثت مرتين، الأولى قبل عنزة، والثانية مع عنزة، أو في نفس الوقت تقريبا، جاء السابقون منهم في الهجرة الأولى على ما يظن في أوائل القرن الحادي عشر، في عهد ولاة العراق المماليك، وذلك بسبب المحل وضنك العيش في جبل شمَّر المذكور؛ أي لأسباب اقتصادية، فذهب بعض هؤلاء وقتئذ إلى العراق، لتفوقه في الخصب والري على