للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر عن رياح (١) من بني هلال

كانت رياح من أعز قبائل هلال وأكثرها جموعًا ورئاستهم عند دخولهم إلى إفريقيا كانت لمؤنس بن يحيى الصُنْبري من بطن مرداس بن يحيى وهناك بطون أخرى مثل عمرو، وعلي، وسعيد، وخضر، وأما الرياسة في رياح لفخذ الدواودة من مرداس وهم من داود بن مرداس بن رياح، وكان رئيس رياح لعهد دولة الموحدين هو مسعود بن سلطان ولقبه "البلِّط" لشدته وصلابته، وقد نقل الخليفة الموحدي إلى المغرب الأقصى بعض بطون رياح ومعهم البلِّط وقد أقاموا ما بين قصور كتامة إلى إزغار البسيط الفسيح، ثم فر مسعود البلط إلى تونس وجمع من بقي من قومه رياح مع أخيه عساكر؛ وذلك في عام ٥٩٠ هـ ثم نزلوا على قبائل زِغْب وذباب في نواحي طرابلس وهي من (بني سُلَيْم)، وصاروا يتقلبون بينهم ثم نزعوا إلى خدمة قراقوش (٢) الغزى (من المماليك) في مصر، ثم حضروا فتح طرابلس الغرب مع قراقوش والتي كانت تابعة لدولة الموحدين، ثم لحق بقومه مع الأمير يحيى الميورقي الشهير بابن غانية الذي انشق على الدولة الموحدية، وصار البلِّط وعموم بطون رياح جنودًا له ضد الخليفة وضد شيخ تونس ابن أبي حفص، ولكن أبي حفص بمساعدة الخليفة الموحدي استطاع أن يوقع بالأمير المنشق في بلاد الجريد جنوب تونس عام ٦١٨ هـ وقتل الأمير وعددم كبيرًا من جنوده بينهم الكثيرين من قرابة البلِّط وأبناء عمومته ومن عشيرته من (الرياحيين)، وبعدها فر البلِّط إلى المغرب الأوسط (الجزائر) ومعه رجاله وقد ذهب إلى بطون الضحَّاك ولطيف (الأثبج) فاعتزوا به وكاثروا لما أنهم كانوا خصومًا وفي فتنة شديدة مع أقاربهم من دُريد وكَرْفة بسبب مقتل حسن بن سرحان، وقد وحَّد مسعود البلِّط هذه البطون المذكورة مع رياح وصار لهم زعيمًا وتغلب على الضواحي مثل قسطيلة والقيروان ومسيدة والزاب (٣)، وبعد وفاة البلِّط خلفهُ موسى بن محمد بن مسعود وكان له صيت في قومه واعتزار على الدولة، وجمع جموعًا لمحاربة الخليفة الحفصي المستنصر فنزل لهم الخليفة بجيش قوي عام ٦٦٦ هـ وفرق جمعهم، وقد


(١) هو رياح بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.
(٢) قراقوش: من أمراء المماليك في مصر وأصله من إرمينيا شرق الأناضول (تركيا)، وكان جبارًا في حكمه ويُضرب به المثل للآن عندما يقصد التحكم فيقولون: "مثل حكم قراقوش".
(٣) قسطيلة والقيروان بتونس، والزاب ومسيلة في الجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>