بني أم البنين ألم يَرُعْكُمْ … وأنتم من ذوائِب أهلَ نجْدِ
تَهَكُّمُ عامر بأبي بَرَاءٍ … ليخفره، وما خَطَأُ كَعَمْدِ
فلما بلغ قولُ حسان مسامعَ أبي براء حمل على عامر بن الطفيل فطعنه، فأخطأ مقتله ووقع عن فرسه. وقد تأثر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، من هذه الحادثة تأثرًا عميقًا، وكان متخوفًا مما حدث (١)، وكان يوم بئر معونة في صفر سنة أربع للهجرة.
[يوم مرج راهط]
عندما مات يزيد بن معاوية حدثت بيعتان بالخلافة، وكانت إحدى البيعتين بالشام لمعاوية بن يزيد، والأخرى كانت بمكة والحجاز لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنه.
اختار أهل الشام للخلافة معاوية بن يزيد. ولكنه رفضها واستقال منها عندما رأى المسلمين مختلفين أشد اختلاف، ولم ير في نفسه القدرة على إعادة الوحدة لهم بعد أن تصدَّعت، وبذلك أصبحت الشام بدون خلافة.
واختار أهل مكة والحجاز عبد الله بن الزبير، وحينما علم الحُصين بن نمير قائد حملة يزيد بن معاوية على ابن الزبير في مكة - بموت يزيد حاول أن يجتذب إليه عبد الله بن الزبير فيوليه الخلافة في الشام، على أن يُؤمِّن الناس ويهدر الدماء التي كانت بين ابن الزبير وابن نمير، فأبى عبد الله بن الزبير ذلك بإصرار وإعلان، وقام - في العراق - عبيد الله بن زياد بحملة دعائية له، فبايعه أهل البصرة ظاهرًا ثم بايعوا ابن الزبير، ولما شعر بضعفه بينهم هرب إلى الشام، وهكذا دخل أهل البصرة وأهل الكوفة في بيعة ابن الزبير مع أهل مكة والحجاز.
وكان الضحَّاك بن قيس أميرًا في الشام، والنعمان بن بشير أميرًا لحمص، وزفر بن الحارث أميرًا لقنسرين، وكان هوى هؤلاء جميعًا مع عبد الله بن الزبير، وكان حسان بن مالك الكلبي أميرًا لفلسطين وهواه مع بني أمية، وسبب ذلك أن بني كلب كانوا أخوال يزيد بن معاوية، لأن أمه (ميسونُ الكلبية) وكانت بطون كلب بن وبرة القُضاعية اليمانية قد انتشرت في أراضين واسعة، شملت دومة
(١) أيام العرب في الإسلام، لمحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، ص ٥٥، ط دار إحياء الكتب العربية بمصر، وسيرة ابن هشام وغيرهما.