مستعدة لدخوله، بدون النظر إلى مطامع أو مصالح قبيل فتح مكة، بدليل اشتراك ألف فارس منهم مع النبي، فلما فتحت مكة أقبلوا جماعات بخيلهم ورجلهم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فآمنوا به، مصدقين من قلوبهم برسالته الإلهية، موحدين لربهم، مرتفعين عن أوضار الشرك وأغلاله التي كانت تحيط بهم فتحطُّ من مستواهم الروحي؛ ولذلك سرعان ما رأيناهم يجردون سيوفهم، ويبيعون نفوسهم رخيصة في الغزوات والمعارك الإسلامية التي تلتْ فتح مكة والتي خاضوها بكل بسالة وإقدام لرفع راية الدين الحنيف.
موقف بني سُلَيْم في رِدَّة العرب
حينما ارتدَّ بعض العرب في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، كان موقف بني سُلَيْم حيال الإسلام، وحيال الردة متفاوتًا ومختلفًا، فبعضهم ثبت على الإسلام، وبعضهم سار في تيار الردة. وقد ضرب أبو بكر الصديق مرتديهم بالذين ثبتوا منهم على الإسلام، فكان قائدًا راشدًا بالغ الحكمة، فلا يفل الحديد إلا الحديد.
وكان أبو بكر قد ولَّى خالد بن الوليد مهمة إعادة المرتدين من العرب إلى حظيرة الإسلام، فقام بهذه المهمة العظيمة خير قيام.
جاء خالد "جو قراقر" وأتى "النقرة" ووجد جمعًا من بني سُلَيْم، يرأسهم أبو شجرة بن عبد العُزَّى السُّلَمي الذي أمُّه الخنساء الصحابية الشاعرة المشهورة، فقاتلوا خالدًا، واستشهد رجلين من المسلمين، ثم فضَّ الله جمع المرتدين وركب المسلمون أكتافهم.
وقدم في أيام الردة - الفجاءةُ السُّلَمي إلى المدينة عاصمة الخلافة الإسلامية الأولى، فقال لأبي بكر - رضي الله عنه: احملني وقوَّني أُقاتل المرتدين، فحمله أبو بكر وأعطاه سلاحًا، فخرج من المدينة يعترض الناس، فيقتل المسلمين ويقتل المرتدين معًا، وجمع جمعًا!. فكتب أبو بكر إلى "طُريفة بن حاجزة السُّلَمي" أخي معن بن حاجزة السُّلَمي، وكان هو وأخوه ممن ثبت من سُلَيْم على الإسلام، وأمره أبو بكر بفتال الفجاءة، فنفذ ما أمره به الخليفة، وأُسر الفجاءة؛ فلما جاء الفجاءةُ