للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروج بنو سُلَيْم من سوف

حكى لي نصر بن فطحيزة القرفاني - رحمه الله (١) - أنه كان يجتمع كثيرا بشيخ من الربايع قد عمر فوق المائة سنة وكان كامل العقل صحيح البصر فيخبره عن أحوال سوف تفصيلا وترتيبا كأنه حضر مع جميع من دخلها، ومن جملة ذلك سأله عن سبب الشحناء التي وقعت بين مداشر شوف، فقال: إنه حين تساهمت طرود ومن معهم على سد الثغور وكان لبني سُلَيْم وبني مجور الناحية الغربية. واتفقوا كما ذكرنا سابقا على أن من كان منهم يسمحون له بالدخول ومن ليس منهم يمنعونه، ومن يخالف ذلك يطرد، فأتت جماعة من جهة الغرب ليسوا منهم فنزلوا على بني سُلَيْم وقدموا لهم بعض الهدايا كانوا أعدوها لهم من قبل.

فأوصوهم بإخفاء نسبهم وأن في يظهروا الانتساب لبني هلال الذين بالزاب ففعلوا.

وكانت طرود ترسل كل شهر رجلا أمينا يطوف ويتفقد المراكز، ففي تلك المرة عثر على أولئك الناس، فعرفهم من لغتهم فأنكروا واختلى الرجل ببعض صبيانهم فسألهم فعرف الحقيقة.

فرجع إلى طرود وأخبرهم بالأمر تكبر عليهم ذلك حيث كان صادرا بن أصهارهم بني سُلَيْم، وحيث لم يرضوا بنقض ما كانوا أبرموه طلبوا من بني سُلَيْم ومن معهم الخروج من أرض سوف، فتعلل بنو سُلَيْم بعدم القدرة في ذلك الوقت وطلبوا التأخير إلى زمن قريب فأمهلوهم.

ثم سعى بنو سُلَيْم إلى بني حامد رؤساء الثغر الشرقي وبني زايد رؤساء الثغر الجوفي وأعطوهم شيئا من المال، وكانت مصاهرتهم معهم أكثر من غيرهم، وعليهم صدق قول الشاعر لصاحبته:

هل تعلمين وراء الحب منزلة … تدنى إليك فإن الحب أقصاني

فأجابته بقولها:

اجعل شفيعك دينارا تقدمهُ … إن الدراهم تدني كل إنسان


(١) نصر بن فطحيزة: من قبيلة القرافي الهلالية فصيلة الشراعية عميرة الفطاحزة كان من جملة القدماء والشيوخ الكبار الذين كانوا بقيد الحياة أثناء قيام المؤلف بهذا التأليف.

<<  <  ج: ص:  >  >>