للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب تفكك كلب واضمحلال قوتها وكيانها]

بعد سقوط الدولة الأموية التي كانت تعتمد اعتمادًا كليًا على قبيلة كلب، وقيام الدولة العباسية، كان لا بد لهذه الدولة من توطيد قواعدها وتصفية أعدائها والمناوئين لها، وأول المعنين بهذا هم بالدرجة الأولى بقية ما تبقى من بني أمية وشيعتهم، وعلى رأس هؤلاء قبيلة كلب مع اعتبار أن هذه القبيلة هي السلطة الثانية أو الصف الثاني في الدولة الأموية، والتي جعلت دمشق الشام عاصمة لها، فالجيش كان من كلب، والقادة كان غالبيتهم من كلب، وكذلك الوزراء والولاة، فعندما سقطت هذه الدولة، كان لا بد وأن يكون أثر هذا الحدث بالغًا على قبيلة كلب، وهو لا يقل بأي حال من الأحوال عن أثره على الأمويين أنفسهم، باعتبار أن صديق عدوي هو عدوي أيضًا. . . ثم إن الدولة العباسية في بداية عهدها استبعدت عن الحكم كل من كان له دور فعَّال في عهد الدولة الأموية، والاستغناء عنه مهما كبرت مكانته في تلك الفترة، واعتباره من المناوئين ليس لدولة بني العباس (الهاشمية) فحسب بل وللدولة الإسلامية المتمثلة فيها، ومن ثم نبذه ومقاطعته بل وإظهاره للمجتمع العربي بأنه شاذ خائن لا تجب الثقة به!!

وهذا ما جرى لقبيلة كلب، فبعد أن كانت هي صاحبة الشرف والقوة والسيادة في العهد الأموي، وكذلك في بداية فجر الإسلام الأول فقد كان منها صحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أسلفنا، وقد شد الخلفاء أزرهم بكلب بمصاهرتهم، وقد أوضحت ذلك كله في معرض حديثي عن كلب في الإسلام، وقد ذكّرت بهذا للدلالة وإيضاح الدور المهم والكبير الذي لعبته في نشر الإسلام وتثبيت دعائم دولته، حيث إن مكانتهم هذه وقربهم من حكم الدولة الإسلامية جعلت من القبائل الأخرى من يحسدهم على ذلك، ومنهم على سبيل الذكر قيس عيلان حاملة لواء المُضَرية كافة في ذلك الوقت،

<<  <  ج: ص:  >  >>