للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجندل وبادية السماوة، والأقسام الشرقية من بلاد الشام، ولما أخْرَجَ العرب المسلمون الرومَ من الشام قامت هذه البطون بدَوْرٍ بارز في السياسة، إذ أيَّدت الأمويين (١)، وقد تدرج الخلاف بين الفريقين من الكلام إلى الخطابة إلى المضاربات إلى القتال والمناجزة حيث كان كل فريق من الفريقين المتنازعَيْنِ يريد أن يكسب المعركة السياسية بكل الوسائل الممكنة. وحدث ذات يوم بعد ما استحكمت حلقات الخلاف أن قام "ثور بن مَعْنٍ السُّلَمي" فأشار على الضحَّاك بن قيس الفهري بأن يُظْهرَ ما كانوا يخفونه من بيعة عبد الله بن الزبير بالخلافة ولم يكن هذا الرأي مُوَفَّقًا ولا حازمًا، فإن الأمر لم ينضج بَعْدُ، على ما كان يهدف إليه الضَّحَّاكُ، ويفتلُ له في الذروة والغارب، وفي الوقت نفسه اجتمع حسان وبنو أمية بالجابية وتشاوروا في الخليفة، واتفقت كلمتهم على تولية مروان بن الحكم، فبايعوه بالخلافة. هذا ومع ما كان لدى الضحَّاك من جَلد ومن عزم فإنه لم يتملكْ أعصابه هذه المرة، فاستجاب - كما يبدو لنا - إلى مشورة ثور بن معن السُّلَمي المرتجلة، فكانت (معركةُ مرج راهط) بين الجانبين الثمرة المباشرة لهذه الاستجابة بعد مبايعة مروان بالخلافة - وقد انتصرت بنو كلب فيها على القيسية نصرًا حاسمًا، وكانت هذه المعركة التي وقعت سنة ٦٤ هـ أو ٦٥ هـ ذات عقابيل ونتائج وخيمة على العرب والمسلمين فيما بَعْدُ، بما فرَّقَتْ من وحدة العرب المسلمين وبما أوهنت من قواهم المعنوية والمادية في ذلك الجيل وفي الأجيال اللاحقة (٢).

وفي رواية (الاستيعاب) لابن عبد البر في ترجمة الضحَّاك بن قيس الفهري هذا تفصيل للواقعة وأسبابها بشكل آخر، وقد حدد وقت الواقعة بأنه نصف ذي الحجة من عام ٦٤ هـ. (انظر مادة الضحَّاك بن قيس القرشي الفهري في الاستيعاب ص ٧٤٤ و ٧٤٥ القسم الثاني).

يوم البِشْر

كان هذا اليوم من أيام بني سُلَيْم، بعد معركة مرج راهط، وقد انتقمت فيه بنو سُلَيْم القيسية من خصومهم السياسيين والحربيين - بني تَغْلِب - وروافد هذه


(١) أيام العرب في الإسلام، ص ٤٢٢ - ٤٢٤؛ والمُفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ص ٢٣٩ و ٢٤٠.
(٢) أيام العرب في الإسلام، ص ٤٢٢ - ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>