سوء ظنه بمؤنس واغتراره بقوته. وتلاحق إلى الهلاليين إخوانهم بالصعيد ونجد، ودامت حركة الهجرة نحو نصف قرن، وموجتها في أتجاه نحو الغرب.
[الهلاليون بالجزائر]
تقدم الهلاليون وأحلافهم نحو الجزائر، فدخلوها من ثلاث جهات: الأولى جهة السواحل حيث تقطن كتامة ويضعف نفوذ صنهاجة أو ينعدم، تقدموا إليها من نواحي باجة، فانتشروا على ضواحي القالة وعنابة وقسنطينة إلى القل إلى جبال بابور.
وتقدم الهلاليين في هذه الناحية أسبق منه في سواها، ولم نجد خبرًا عن دفاع كتامة لهم، فإما أن يكون بنو عبيد كتبوا إليها بتأييدهم، وإما أن تكون هي التي تقربت منهم نكاية في صنهاجة.
وكلام الإدريسي عن مدن هذه الجهة يدل على حسن علائق أهلها مع العرب فالقالة كانت حالتها حسنة والعرب يمونونها بحبوبهم، وقسنطينة قال: إن أهلها مياسير، بينهم وبين العرب معاملات ومشاركة في الحرث والادخار.
الجهة الثانية جهة الهضاب ما بين الأطلسين التلي والصحراوي، حيث الحكومة الحمادية ثابتة القدم، تقدموا إليها من نواحي الإربس وانتهوا أيام الإدريسي إلى وادي الساحل وجبال البيان.
دافعتهم صنهاجة عن هذه الجهة. فغلبوها على الضواحي، وحصروها بالمدن الحصينة والقلاع المنيعة، فإن الإدريسي لما ذكر المدن الواقعة شمال أوراس ذكر أنها في حال سيئة من حصار العرب لها، قال في حصن ماوس:"حصن عامر بأهله، وكانت العرب تملك أرضه وتمنع أهله الخروج منه إلا بخفارة رجل منهم، ودار ملول شرقي طبنة على مرحلة منها، قال: "إنها مدينة عامرة بها حصن فيه مرصد مشرف على محال العرب يستطلع منه حركاتهم" ودار ملول ذكرها ياقوت بلفظ إرملول.
وذكر الطريق من بجاية إلى قلعة بني حماد وعدد منازلهم، فلما بلغ الباب قال: "وهي جبال يمر بينها الوادي المالح، وهناك مضيق وموضع مخيف ومنه إلى حصن السقائف إلى حصن الناظور إلى سوق الخميس، وبه المنزل. وهذه الأرض