شمال حدود دولته، هذه الحدود التي يقطنها قبائل عربية سبق لبعضها أن دخل في ذمة الإسلام وفي حلف معه، على أننا لا نستطيع الجزم فيما إذا كان ولاء بلي للإسلام قد استمر بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن في المصادر التاريخية ما يشير إلى أن عمرو بن العاص أثناء خلافة أبي بكر وبعد ردة بعض القبائل، أغار على بلي وبعض قبائل شمال الحجار، الأمر الذي قد يفهم منه أن بلي كانت ممن ارتد عن الإسلام على العكس من جهينة التي لم ترتد عن الإسلام وشاركت بفرسانها مع قوات المسلمين ضد المرتدين.
كما ورد عن بلي عام ١٤ هـ أن هرقل عظيم الروم سار حتى نزل إنطاكية وكان معه من قبائل العرب لخم وجذام وبلقين وعاملة وبلي.
[بلي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه]
إن المصادر والمراجع التاريخية التي عالجت قضية اغتيال الخليفة عثمان بن عفان كثيرة، وكل ما يهمنا من هذه القضية أو الفتنة هو موقف قبيلة بلي منها، ودور البلوين فيها. ظهر النزاع حول الخلافة في الثورة التي قامت ضد الخليفة عثمان رضي الله عنه، وحدث أن كانت مصر سببًا في تعجيل الحوادث التي انتهت بمقتل عثمان واشتعال أخطر فتنة تعرض لها الإسلام طيلة أحقاب تاريخية؛ ذلك لأن القبائل العربية التي لا تنتمي إلى قريش ومعهم بعض الصحابة والمجاهدين الذين استقروا بمصر، رأوا فيها فرصة للقيام ضد الخلافة، وهم بذلك لم يقصدوا الخليفة عثمان نفسه وإنما أرادوا زعزعة قريش وسيادتها، فقد كرهوا تلك السيادة التي زادت بعد ظهور الإسلام، على أنه وجد أيضا في مصر بعض القرشيين الذين ثاروا على عثمان، وعلى رأسهم محمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.