للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رحل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبايعه على الإسلام فمات في الطريق وبعث إسلامه مع من أسلم ممن كان معه من قومه والله أعلم.

[وفد بني تميم على النبي - صلى الله عليه وسلم -]

مازالت الدعوى الإسلامية في رعاية الله من نجاح ولله الحمد حتى كانت السنة التاسعة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم وهي سنة الوفود (١) وذلك أن العرب لم يكادوا يسمعون أنباء الموقعة التي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش حتى أيقنوا أن من العبث مغالبة الأقدار. بعد انهيار حصن من حصون الشرك في جزيرة العرب بفتح مكة المكرمة فأقبلوا إلى الإسلام يوفضون وأسرعت وفودهم تعلن ولاءها وتجهر بطاعتها، وبينما بنو تميم يستعدون للذهاب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلنون إسلامهم حدث كما ذكر في طبقات ابن سعد أن بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر بن سفيان، على صدقات بني كعب الخزاعيين. فلما جاءهم وقد حل بنواحيهم (بنو العنبر) من تميم فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة ومعها مواشي بني العنبر النازلين بينهم فسارع قوم من بني تميم وشهروا سيوفهم فخاف المصدق. وقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - شاكيا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: من لهؤلاء القوم فانتدب إليهم (عيينة بن حصن الفَزَاريُّ) ومعه خمسون فارسًا من العرب ليس منهم مهاجر ولا أنصاري فأغاروا عليهم وأخذوا منهم ١١ رجلا و ١١ امرأة و ١٠ صبيان. أما بقية الرجال فكانوا غائبين وعددهم حوالي ٥٢ رجلًا فنهض ذوو الرأي عنهم وعجلوا في لقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢). فلما مثلوا بين يديه - صلى الله عليه وسلم - لم تطاوعهم نفوسهم أن يلقوا سلاحهم مرة واحدة ويصبحوا تابعين بعد أن كانو متبوعين. فلم يعلنوا إسلامهم إلا بعد أن ارضوا كبرياءهم وتفاخروا بقوتهم وعزتهم ومنزلتهم ونفوذهم وكثرتهم وغناهم وتفردوا بهذا دون غيرهم من العرب؛ لأنهم كانوا أهل فيافي وبراري ومتوحشين وباقين على جاهليتهم الجهلاء، وتروى كتب التاريخ القديم أن هذا الوفد كان عدد أعضائه تسعين أو ثمانين رجلًا قل أن تجد وفدا مرة واحدة مثله من الوفود التي تسارعت (٣) إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كثرة


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ١٩٥.
(٢) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ١٩٥.
(٣) انظر: المصدر السابق ص ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>