لقد جعل الله سبحانه وتعالى للعرب مكانة مرموقة ورفيعة بين الأمم، وكرَّمهم وأعلى قدرهم، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ … (١١٠)} [آل عمران: ١١٠].
فعلم النسب للقبائل العربية له منزلة عليَّة ومكان رفيع وجلالة قدر بين العلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - الجانب الأوفر والقدح المُعلَّى والمقام الرفيع في علم أنساب العرب، مما يؤكد شرف هذا العلم وأهميته. وقد حث عليه نبينا الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مواضع كثيرة، وأهمية هذا العلم تبرز في عدة أمور منها:
أ - أن العلم بنسب النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضرورة مُلِحَّة لصحة الإيمان بأنه النَّبِيّ الهاشمي القرشي العدناني، وكان يسكن بمكة المكَرمة ثم هاجر إلى المدينة المنورة.
ب - حتمية هذا العلم للناس لحرمة أن ينسب أحد لغير آبائه، أو يُعْزى لغير أصله الذي نبع منه، حتى لو حالف أو دخل في عشيرة أو قبيلة أخرى تحت أي ظروف كانت، فلابد لمثل هذا أن يُلِمَّ أو يعرف جذوره وذوي قرابته وأرحامه. وعلى ذلك فلا يمكن ترتيب حكم الورَاثة إلَّا بمعرفة النسب، وكذلك النِّكَاح فلابد من معرفة ذوي المحارم، ولأجل ذلك فلابد من الرجوع إلى علم النسب.
ج - قال رسولنا الكريم محبِّذًا وجود. الحسب والأصل الكريم في المرأة المراد الزواج بها كما ورد في حديثه عليه الصلاة والسلام:"تنكح المرأة لأربع: لجمالها أو حسبها أو مالها أو دينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" صدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو القائل أيضًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤكدًا ضرورة الحفّاظ على النسل وصيانته من أوباش النّاس فقد قال:"تخيروا لنطفكم فإن العِرق دساس". وقال عليه الصلاة والسلام:"إياكم وخضراء الدّمَنْ"، يعني البعد عن زواج المرأة الحسناء والجميلة التي تنبت في منبت السوء، أي في بيئة أو في وسط وضيع، سواء عائلة أم عشيرة حضرية أم بدوية، وأمثال هؤلاء هم سفلة المجتمعات لا حسب لهم ولا خُلُق ولا شرف ولا ذمة، ولا يخافون على تلويث سمعتهم أو المساس بشرفهم .. وبالطبع هنا نجد أن الأصل والحسب العريق مهم .. لماذا؟