لقد سجل داوتي إشارات مهمة عن كرم بن ناحل وحسن أخلاقه، بالرغم من عدم حسن استقبال ابن ناحل له بسبب ديانته النصرانية، وبسبب شكوك ابن ناحل حول حقيقة هذا الغريب، وارتيابه من مهمته الحقيقية وأهداف وصوله للمنطقة.
وقد كانت أولى الإشارات إلى كرم خلف بن ناحل ما سجّله داوتي قبل أن يصل إلى مضارب ابن ناحل، حيث كانت شهرة خلف في هذا الجانب حديث العربان الآخرين، ويصف داوتي ذلك عند العرب الذين أشاروا عليه بالذهاب إلى ابن ناحل والذين كانوا كثيرون ما يتحدثون عن ابن ناحل وثروته وكرمه، مثل قولهم:(إن بيته كبير جدًّا، وهو غني عظيم الثراء. أوف! ستجد عنده كل أشكال الجود والكرم وعندما تأتي إلى بيته قل له: أرسلني يا ابن ناحل إلى القصيم، وسيفعل). ويقول في إشارة أخرى وهو يصف وصوله إلى بيت ابن ناحل:(ونزلنا عند ابن ناحل وكان بيته كبيرا. . .) - إلى أن يقول:(وارتفع صوت نجر القهوة وكأنه يدعو الأضياف للقهوة في بيت ابن ناحل، وهنا رأيت رجلًا عظيما ومعه رفاقه لشرب القهوة، إنهم ملوك القهوة في الصحراء).
وفي موضع آخر يشير داوتي إلى ذلك بشكل غير مباشر وهو يتكلم عن وصوله للمرة الثانية إلى خلف بن ناحل بعد أن أخبره بهرب رفيقه معتوق واضطراره للعودة إلى خلف، حيث يقول داوتي عن خلف إنه قال:(لا بأس، اعملوا القهوة؛ فأجابه ولده: لقد جهزنا القهوة، وها نحن نشرب منها. فرد عليه خلف: اعمل قهوة جديدة ولا توَفّر منها شيئًا!)(١).
[خلف ومكانته السياسية والاجتماعية]
قبل أن نستعرض ما ذكره داوتي عن هذا الجانب، فإنه يجدر بنا أن نشير إلى جماعة خلف بن ناحل من قبيلة الأحامدة الذين وصلوا إلى نجد والذين كان لهم حضور قوي وسمعة طيبة، برز ذلك من خلال نشاطهم التجاري والسياسي كحلقة وصل بين مدينة حائل المزدهرة في ذلك الوقت وبين المدينة المنورة. فكان لهم إسهام مشهور في مرافقة قوافل الحج والقوافل التجارية بين منطقة حائل وبين