للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آل هادي بن حمد وهو الأخ الأكبر للغيهبان، ولما انتصف النهار فإذا بهم يرون رجلا يتبعهم من بعيد وكان راجلا، وكان علي قد ترك أخاه الغيهبان نائمًا كعادته، وكان من عادة البدو عندما يغزون يأخذون معهم إبلا من الحيل السمان ليذبحوها للقوم، فلما جاء العصر عسكروا وذبحوا إحدى تلك الحيل، وقطع لحمها ووضع على الوضم (١) وتقاسمه القوم وأخذوا يشوون منه، ومن المعروف أن لحمه (الفؤاد) لا يأكلها إلا من أراد منازلة الفارس الصنديد أو العقيد من القوم المعادية، فتركت تلك القطعة من اللحم، فأقبل الغيهبان (وكان ذلك الرجل الذي يتبعهم طيلة النهار)، فلما رأى أن تلك القطعة من اللحم لم تمس، أقبل عليها وكان معه قطعة من الخشب قد جعلها كالرمح وتسمى (شوحط) (٢)، فطعن بها تلك اللحمة وابتعد بها قائلا: "من هيبته في غيبته خلّي الفؤاد على الوضم"!!، وفي الصباح استأنفوا مسيرهم فوجدوا في طريقهم إبلا فأخذوها، وسرعان ما لحق الطلب، وكان في مقدمتهم عقيدًا (مجوَّخ) (٣)، فمرَّ على الغيهبان كالسهم، ولم يكن يلتفت لذلك الأبله الذي يسير على قدميه وليس معه سلاح، بل كان جل اهتمامه بمن هم مثله من الفرسان (المجوخين) ومن عتاة القوم وعلى ظهور الخيل، وما إن حاذي للغيهبان حتى خاطفه بضربه بالشوحط من تحت إبطه نافذة من إبطه الآخر، فخر صريعًا وأخذ الغيهبان فرسه وسلاحه، ودارت المعركة وانتهت بأن ذهب آل جابر بالإبل، وبعد أن ابتعدوا وكانوا في مأمن جاء وقت تقسيم الغنائم، فقال عم الغيهبان "أولا يأخذ حمد الغيهبان غزيزته (٤)، ثم يقسم لكم الإبل".

[نجدة آل مرة للعجمان في وقعة الرضيمة]

[ومقولة "ما جاءت به حوبة"]

عندما أرسل العجمان الفارس (علي بن سريعة) إلى آل مرة ويام لطلب النجدة، علَّق (الشلايل) (٥) فلما وصل إلى الأمير علي المرضف (٦) قطع الشلايل،


(١) الوضم: وهو الحطب يجمع ويوضع تحت اللحم لرفعه من الأرض يسمى (وضم).
(٢) شوحط: أداة حرب أقرب ما تكون للرمح وهي من الخشب.
(٣) مجوخ: عليه (الجوخ) وهي حُلة تصنع من الجوخ ولا يلبسها إلا العقداء أو الفرسان.
(٤) غزيزته: يخار من الإبل الطيبة قبل القسمة.
(٥) الشلايل: جمع شليلة، وهي قطع من القماش تربط حول رقبة الذلول التي يركبها من يطلب النجدة، فإن قطعت هذه الشلائل من قبل القوم الذي استنجد بهم، فقد أثابوه.
(٦) علي المرضف: هو الشيخ علي المرضف ويكنى (المرضوف) وهو أمير آل مرة، ويام أهل الجنوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>