للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَفَّسَ واسْتَرْخَى به العِقْدُ بَعْدَمَا … تَغَشَّاهُ يَوْمٌ لا تَوارَى كَواكِبُهْ (١)

وَقَاكَ ابنُ كُرزٍ ذُو الفَعَالِ بنَفْسِهِ … وَمَا كُنْتَ وَصَّالا لَهُ إذْ تُحَاربُهْ

إلى أسَد يَأْوي الذَّلَيلُ بِبَيته .. . ويَلْجَأُ إِذْ أعْيَتْ عَلَيْه مَذَاهِبُهْ

فَتًى لا يَزالُ الدَّهْرُ يَحْمِلُ مُعْظِمًا … إذا المُحْتَدَى المَسْئُولُ ضَنْت رَواجِبُهْ (٢)

وقال جعدة بن عبد اللَّه يفخر:

ونَحْنُ مَنَعْنَا العَبْدَ إذ صَافَ سَهْمُهُ … منَ القَومِ حَتَّى خُلِّصَ العَبْدُ سَالِمَا (٣)

وَقُلتُ لَهُمْ: يا قَوْمَنَا إنَّ خَطْبَهُ … دَقيقٌ ولَكنْ لَيْسَ نُسْلِمُ جَارِمَا

وَغَيْطَلَة فيها رمَاحٌ وَخِلَّةٌ … مُقَطَّعَةٌ أَوْسَاطَهَا الدَّمُ جَازمًا (٤)

حَبَسْنَا بهَا حَتَّى إذَا ما تَزَيَّلَتْ … نُقَطِّعُ أَوْصالًا بها ومَعَاصِمَا

صَبَرْنَا وَلَمْ نَجْزَع على كِلِّ شَرمَحٍ … طَوِيلِ اليَدَيْنِ لا يُقِرُّ المظَالِمَا (٥)

وكُنَّا إذا ما الحَربُ شُبَّ وَقُودُهَا … ضَرَبْنَا بأَثْمَان المَخَاضِ الجَمَاجِمَا (٦)

أبو جندب (*) بن مرة وحاطم الخزاعي

اشتكي أبو جُندَب بن مُرة شَكوى شَديدةً، وكان يُقال له المَشؤوم، وكان له جارٌ من خزاعة يُقال له حاطِمُ بن هاجر بن عبد مناف بن ضاطر، فوقعت به بنو لِحيان فقتلوه، قبل أن يَسْتبل أبو جندب من مرضِه، واستاقوا أمواله وقتلوا امرأته، وقد كان أبو جُندب دعى قومه فَجمعوا له غَنمًا، فلما أفاق من مرضته خرج من أهله حتى قَدِم مكة، ثم جاء يمشي حتى استلمَ الرُّكن وقد شَقَّ عن استِه فعرف النّاسُ أنه يريد الشَّر، ثم صاح فقال:


(١) يريد أنه أمضى يومًا أحس به أنه طويل بلا نهاية، وذلك لشدة الرعب الذي حل به، ولكن تنفس الصعداء حين علم بالحقيقة.
(٢) الرواجب: جمع الراجبة: مفصل أصل الأصبع - أغاني ٢٢/ ١٠.
(٣) صاف السهم عن الهدف يصيف ويصوف: عدل.
(٤) الغيطلة: أراد بها غيطلة الحرب، وهي كثرة صوتها وجلبتها وغبارها، والتفاف الناس فيها كغيطلة الشجر، وهو الكثير الملتف. والخلة: البطانة يغشى بها جفن السيف، تكون من أدم وهي معطوفة على قوله: رماح. ومقطعة: يعني جفون السيف تقطعت من قدمها.
(٥) الشَّرمُح من الرجال: القوي الطويل (لسان).
(٦) الوحشيات أو الحماسة الصغرى ص/ ٨.
(*) أشعار الهذليين ٢/ ٨١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>