للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب ذات الفروع في بني هلال:

وفي القلب من حي (هلال بن عامر) … نوازع حب لا تزول وتنهب

هم أوطأوا غربي مصر جيادهم … وهم ما هموا والدهر بالناس قُلَّب

[يقول المؤرخون عن بني هلال وتاريخهم مع الدول في بلاد المغرب]

بدأتْ الغزوة الهلالية لعرب بني هلال من القطر المصري متوجهة إلى تونس الخضراء عام ٤٤٢ هـ - ١٠٥١ م، وسارت جموعهم الحاشدة إلى برقة وفتحوا أمصارها وخرَّبوا المدينة الحمراء وأجدابية وسرت، وفي ذلك يقول ابن خلدون: "إن الرُّحَّل المشتغلين بالزراعة من بني هلال كانوا يحملون معهم الخراب أينما ذهبوا، وكانوا يغيرون على البلاد وينهبونها فأخذت الأرض الزراعية شيئًا فشيئًا، ففسدت في برقة مذاهب المعاش وانتقض العمران وأصبحت البلاد قفرًا يبابا"!

ومع ذلك فقد استقرت قبيلة بني قُرَّة في برقة أو أغلبها وامتزج أفرادها باهل برقة (ليبيا) بالمصاهرة والجوار والحلف، مما يجعل من الصعب الآن التمييز بين ذريتهم وذرية أهل البلاد الأقدم.

ولقد استقر بعض الهلاليين في تونس، ونزح أغلب بطونهم إلى الغرب في بلاد الجزائر ومراكش، سواء بسبب الضغوط من الدول التي قامت في بلاد المغرب أو بسبب النزاعات والحروب التي تندلع فيما بينهم تارة، وتارةً أخرى مع بطون بني سُلَيْم، وقد بلغ الأُثبج من هلال الزاب الشرقي وأكناف جبال أوراس واندفعوا نحو الجنوب الغربي حتى بلغوا جبال عمور الواقعة عند مشارف الصحراء في وسط البلاد الجزائرية؛ وهي ما بين الجزائر ووهران، وتقدم فوج آخر إلى الزاب الغربي وشط الحضنة والمعقل في فيافي ناحية الجزائر، ومن ثم اعتصم البربر في الجزائر من الهلالية بالجبال والواحات والصحراء واستطاع أغلبهم الاحتفاظ بلغتهم وسننهم حتى الآن، أما في الفيافي والسهول فقد امتزج العرب بالبربر بالمصاهرة فنشأ من هذا الامتزاج من بعض قبائل الهلالية أجيالًا جديدة لا تكن العداء للعنصر البربري

<<  <  ج: ص:  >  >>