الإسلامي وتشاركه أفراحه وأحزانه، أما في مراكش فقد احتل فريق ثالث من الهلالية وأتباعهم من العرب السهول المراكشية على طول ساحل المحيط الأطلنطي من طنجة في الشمال إلى ميناء صافي في الجنوب، وفي الداخل من مدينة فاس إلى وزان، ويؤكد أكثر المؤرخين أن عدد من جاءت بهم هذه الموجات الغازية خلال القرن الخامس الهجري وحتى القرن الثامن الهجري ما بين مائتي وثلاثمائة ألف نسمة.
والراجح من الناحية التاريخة المنطقية هو أن الغزوة الهلالية لم تتم دفعة واحدة وإنما على مراحل، وإنما كانت هجرة ضخمة غير طبيعية وكان لابد لها أن تصطدم بالنظم وبالجنود وطوائف العرب الأخرى الموجودة في البلاد المغاربية قبلها وذلك على طول الطريق الذي سلكته في رحلتها، وبهذه الكيفية اتخذت سمة الغارات في فترات مختلفة متفاوتة المدد الزمنية.
وكان لبني هِلَال وبني سُلَيْم سيَّر وسيَّر عبر القرون التي أعقبت عام ٤٤٢ هجري، وقد كانت بطون تلك القبائل تعمل لحسابها الخاص من حيث الاحتفاظ بأكبر قدر من المنافع والنفوذ في شتى بقاع المغرب العربي وخلال الدول التي قامت في تلك البلاد، وكانت تلك القبائل منها من يستقيم أو يوالي بعضها لدولة في تونس أو المغرب الأوسط (الجزائر) أو في المغرب الأقصى، وفيها من يعارض ويعمل لحسابه الخاص، ولذلك كانت بلاد المغرب مسرحًا كبيرًا لفصول الأحداث التي تعاقبت مجرياتها عبر مراحل زمنية طويلة امتدت قرون عديدة بالنسبة لعرب هِلَال وسُلَيْم وأتباعهم من الجزيرة العربية.
ولقد برزت قبيلة رياح الهلالية في مستهل الغزوة الكبرى واحتلت مكان الصدارة في مجرى الحوادث التي تعاقبت في تلك الحقبة الزمنية، وكانت رياح أقوى بطون بني هلال وزعيمها ذلك الحين مؤنس بن يحيى بن مرداس، وقد حاول الأمير الزيري المعز بن باديس الذي لم يدرك حقيقة عواقب غزوة الهلالية لإفريقيا (تونس) إلا بعد فوات الوقت، فقد حاول هذا الأمير أن يكسب إلى جانبه قبيلة