رياح عقب وقوع الغزو الهلالي فتقرَّب إليهم بالمصاهرة بأن زوَّج بناته من بعض أمرائهم، فمنحه هؤلاء المصاهرون حمايتهم، فاستطاع بمعاونتهم الفرار من القيروان عندما تحرَّج مركزه، وقد لجأ إلى ابنه تميم في المهدية (وهي شرق القيروان على شط البحر)، وقد أفادت رياح الهلالية من تقسيم ملك بن زيري إلى دولتين في عهد أبي مناد بن باديس ناصر الدولة فاستولى مقاتلوها في بداية الغزوة الهلالية على الجزء الأكبر من السهول التي غادرها البربر للبحث عن ملجأ لهم بين الجبال، ثم قامت قبيلة الأثبج الهلالية هي الأخرى بالاستيلاء على مدينة باجة في شمال القطر التونسي، وكان الخليفة الفاطمي المستنصر بالله قد أقطعهم إياها سلفًا، وعقب ذلك أقسم أهل مدينة قابس يمين الطاعة لزعيم قبيلة رياح وهو مؤنس بن يحيى. وقال ابن خلدون: إن هذا الحدث يعدُّ أول غزو حقيقي للعرب بعد رحيل الفاطميين إلى مصر من المغرب واتخاذهم القاهرة عاصمة لهم، وقد شيد محريز بن زياد أحد زعماء قبيلة رياح الهلالية حصنًا لنفسه في المعلقة بين أطلال قرطاجة، وقد أيد زعماء المعلقة الأقوياء سياسة بني زيري في المهدية وانضموا إليهم في مناهضتهم للموحدين، غير أن مقاومتهم لم تقف طويلًا ضد الحملات التي أنفذها الموحدون على تونس وكان الاضطراب يسودها، ولم تكن الغزوة الهلالية السبب الوحيد في زعزعة كيان دولة بني زيري ثم انهيار أركانها على النحو الذي آلت أو انتهت إليه دكان كانت هذه الغزوة من أقوى العناصر التي ساعدت إلى حد بعيد على هذا الانهيار السريع، فالحملات البحرية المتواصلة التي قام بها الأوروبيون على أطراف ملك الزيريين الشمالية في غير هوادة من ضمن الأسباب، وقد شملت تلك الحملات جزر صقلية وسردنيا والبليار في شرق الأندلس وكانت كلها مع العرب مثل الأندلس (إسبانيا والبرتغال)، وقد كانت تمهيدًا منظمًا للهجوم على سواحل تونس وبعض الثغور ثم احتلال مدينة المهدية في نهاية المطاف، وكانت المدينة الوحيدة التي لم تتعرض للسيطرة الهلالية، وأيضًا لا ننسى الصراع بين أفراد الأسرة الزيرية الصنهاجية وقيام دويلة زيرية في غرب البلاد التونسية، وهي دولة بني حماد في منطقة مدينة بجاية وهي ما يسمى الآن بإقليم بني حماد