لا يوجد اليوم فيما بين أيدينا من المراجع التأريخية ما يمكن أن يسمى تأريخًا للقبائل العربية خلال ما يزيد عن ألف سنة، فالمؤرخون في مكة والمدينة كانوا لا يهتمون بهذه القبائل، وإذا ذكروها فإنهم يقولون لك: قام الأمير فلان بتأديب العصاة من القبيلة الفلانية. أو يقولون: نزل ببلدة كذا إثر عودته من محاربة القبيلة الفلانية. ولم أر منهم من تطرق لأسباب ذلك العصيان، أو نتائجه، أو دور تلك القبيلة في تلك الحرب، إلا أن المؤرخ الذي كثيرًا ما يرافق الأمير أو يكون من المقربين له - مثل العصامي - فإنه ما كان يهمه إلا إظهار أميره بمظهر البطل المنتصر دائمًا.
ومع هذا فقد ظفرت قبيلة حرب بحصة الأسد بين القبائل في تأريخ مكة خاصة، لأن مكة كانت مركز إمارة الحجاز وما جاورها مدة ألف سنة تقريبًا.
ومع هذا ظل كثير من تأريخ قبائلنا عائمًا يرويه الأحفاد عن الأجداد، وكثيرًا ما يوردون لك شواهد شعرية، خاصة في الأيام التي تحدث بين القبائل.
لذا فقد قسمت تأريخ حرب إلى قسمين:
القسم الأول التأريخ الرسمي، أي ما وجدته مبعثرًا في ثنايا كتب التأريخ. والقسم الثاني التأريخ العائم، واجتهدت في تحديد زمن هذه الوقائع على عاملين: الأول، نظرية المد، أي تمدد القبيلة فيما حولها من الأرض، وهذا يختلف بعدة أحوال، منها: صلابة القبيلة المجاورة، وطبيعة الأرض، وتكاثر القبيلة الممتدة. والعامل الثاني الذي اعتمدت عليه في تحديد الوقائع هو عدد من تناسل من رجل حضر تلك الموقعة، وجعلت لكل شخص أربعين سنة، وهي نظرية وسط يعترف