"إن هذا هوأمر الله، وتلك هي مشيئته وهو مقدر علينا محتوم، وإني أوصيكم أن تكونوا رجالا صابرين على البلوي وعلى ما يصيبكم، واتفقوا ولا تتفرقوا".
بقي الشيخ ضاري والذين معه خارج المدن والقصبات في عصمة شمال الجزيرة على الحدود المشتركة بين العراق وسورية، وهم يكابدون حياة التشرد زهاء سبع سنوات وتكاثر نسل زوبع في هذا المهجر، بالرغم من صعوبة الحياة وشظف العيش، وإن أبناء الشيخ سليمان بن ضاري وكردي ومحمد ومحمود، ولدوا هناك في مراتع نصيبين.
[نهاية الشيخ ضاري بن محمود]
لقد رصدت الحكومة الإنكليزية مبلغ عشرة آلاف روبية لمن يأتي بالشيخ ضاري حيا أو ميتا، فسولت نفس السائق الأرمني أن يكون هو رابح هذا المبلغ، فهو قد عرف ضاريا ولذلك أكثر من التردد على البادية للكيد له تمهيدا لإلقاء القبض عليه، وظل يشتغل في سيارته مدة طويلة في الأنحاء التي كان ضاري يختلف إليها .. وعرف ذات يوم أن ضاريا يريد السفر من الحسكة إلى مكان يعرف بأبي حامضة في الجزيرة السورية، وعرف أنه أحوج ما يكون إلى السيارة ومن هنا عزم على تدبير المكيدة، فأوعز إلى أحد أقاربه المترددين على تلك الجهات بانتظار سيارته التي ستحمل ضاري في موقع جرى الاتفاق عليه مع جواسيس من عملاء الإنكليز، وركب ضاري السيارة دون أن يرافقه أحد من أبناء عشيرته؛ لأنه كان مطمئنا على نفسه، وحسن الظن بهذا السائق الذي اعتاد ركوب سيارته في مناسبات كثيرة، وبذلك تمت المكيدة ووقع ضاري في الفخ الذي نصب له. حيث تم تسليمه إلى مخفر سنجار عام ١٩٢٧ م، ثم أرسل بعد ذلك إلى الموصل ومنها إلى بغداد تحت الحراسة المشددة، وكان الشيخ ضاري في هذه الأثناء مريضا ولم تسمح السلطة القائمة في بغداد بمعالجته رغم شيخوخته وتدهور صحته.
وفي عام ١٩٢٨ م وفي الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني حوكم أمام محكمة الجزاء الكبرى وأصدرت عليه الحكم بالإعدام شنقا حتى الموت رغم