ضاري أن يتعاونا على قبضهم إن كان حقيقة ما يظن ووضع تحت تصرف "لجمن" خمسة من رجاله، معهم ابن ضاري لإلقاء القبض على الجناة .. وأن هذا الموقف قد افتعله لجمن لتستقيم مكيدة تبرر الإيقاع بزوبع ورئيسها .. ومما يؤكد ذلك أن لجمن طلب من ضاري فوق ذلك أن يقوم بحراسة الطريق بين الرمادي وبغداد، وأن ضاريا قد اعتذر وأنه لا يتمكن من مقاومة العشائر التي أثرت فيهم ونازعتهم، وحينئذ قال له لجمن:(إن موقفك هذا يعتبر خيانة)، وبالإضافة إلى ذلك فقد اتهم ضاري بالسرقة أيضًا وألقى على عاتقه تبعة الإخلال بالأمن ونسب إليه وإلى عشيرته زوبع حادثة السلب وذلك بكلمات جارحة، وبوسعنا أن نجد بعد هذا العرض أن الشيخ ضاريا أيقن أن لجمن سيفتك به لا محالة، ولذلك ثارت حميته وغضب، فاستأذن منه ليعود بعد قليل ومعه ولده خميس ورجل آخر من رجاله فرماه ضاري بطلقة نارية فسقط على إثرها قتيلا. وبعدها استل سيفه وأجهز عليه .. لقد كان للشيخ ضاري - كما تحدث عنه ولده سليمان - يد حمراء في الثورة العراقية الكبرى، وكانت له مراسلات مع كربلاء والنجف وبغداد، وفي أحد الأيام جمع لجمن رؤساء القبائل في الرمادي وكان بينهم الشيخ ضاري وأقام لهم مأدبة عامرة وبعد الانتهاء من الطعام فاتحهم في الموقف الراهن، وقال أنه يود الوقوف على رأيهم باعتبارهم عشائر من أهل السنة، في الثوار الشيعة الذين يطالبون السلطات الإنكليزية بقيام حكومة مستقلة. واستغل الشيخ ضاري عندئذ الموقف فلم يفسح المجال لأحد من المجتمعين بالكلام، وإنما نهض قائما ليقول: لا تذكر يا لجمن كلمة "شيعة" فليس في ديننا سنة ولا شيعة .. بل هناك دين واحد وعرق واحد وكلمة واحدة وإجماع على تشكيل حكومة وطنية، فإذا لبيتم مطالب الثورة فإن الاستقرار والأمن يسودان العراق. وإنني في موقفي هذا أخاطبك بلسان المجتمعين … وهنا سكت "لجمن" وقال: أنتم عشائر، والأجدر بكم أن تكونوا مستقلين .. وعندئذ غضب "لجمن" على الشيخ ضاري حتى كانت النهاية، لقد قتل بطل الصحراء شيطان الصحراء، لقد حاول الإنكليز الانتقام من الشيخ ضاري وعشيرته زوبع وجهزت الحملة تلو الحملة للقضاء عليه والشيخ ضاري صامد مع أقاربه زُوبع حيث جمعهم مرة وخطب فيهم قائلا: