كان وجود جهينة في قلب نجد على ما يبدو قبل الإسلام إلى أن وقعت حرب بينها وبين زيد، لا نعرف من أخبارها إلا الشيء القليل، واضطرت جهينة إلى الانتقال شرقًا في الأودية والجبال، ولا نستطيع أن نحدد السنين التي مكثت فيها جهينة في تلك المنطقة، ولا نعرف شيئًا عن أخبارهم إلا سبب رحيلهم إلى الساحل الغربي وأوديته بالحجاز على أثر قتال نشب هناك، حين وثب حزيمة بن نهد وكان شرسًا مشؤومًا جبارًا على الحارث وعرابة ابني سعد بن زيد فقتلهما.
على أثر تلك الحادثة رحلت جهينة إلى الحجاز واستقرت في منطقة ينبع وما حولها من أودية.
[الوثائق النبوية السياسية لجهينة]
كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدة كتب إلى رجالات من جهينة يؤمنهم فيها أو يدعو إلى انتصار المسلمين لهم أو يُمكِّن لهم في بعض الأماكن ويقطعهم إياها.
وقد احتفظ التاريخ ببعض هذه الوثائق العظيمة نوردها فيما يلي:
الوثيقة الأولى:
لبني الزرعة وبني الربعة من جهينة:
"أنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وأن لهم النصر على من ظلمهم أو حاربهم إلا في الدين والأهل، ولأهل باديتهم من بر منهم واتقى ما لحاضرتهم، والله المستعان".
ففي هذه الوثيقة النبوية الشريفة يؤمن النبي الكريم بني زرعة وبني الربعة من جهينة ويضمن لهم النصر على من ظلمهم أو حاربهم، وجعل ذلك العهد لأهل البادية إذا بروا واتقوا وإن كان معقودًا مع أهل الحاضرة.