للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظل الأمير يحعص يناوئ جيوش الموحدين مدة طويلة، وقد استولى خلالها على الجزء الجنوبي من تونس واحتل مدينة قابس عام ٥٩٢ هـ - ١١٩٥ م، وفني عهد محمد بن يعقوب المُلقَّب بالناصر لدين الله اختل مدينة تونس، وعندها صار مُلك بني غانية يمتد إلى مشارف الصحراء مرة أخرى، وقد استطاع الأمير يحيى في عام ٥٩٧ هـ - ١٢٠٠ م قتل المملوكي الأرمني بهاء الدين قراقوش (١) في مصر والتخلص منه.

غير أن محمد الناصر لدين الله لم يسكت طويلًا على انتصارات الأمير يحيى التي كادت تقضي على مُلك الموحدين في شرق الأقطار المغاربية، فبعث بحملة بحرية في عام ٥٩٩ هـ - ١٢٠٢ م للقضاء على نفوذ بني غانية في الأندلس فهاجم الأسطول الموحدي في مراكش جميع الجزر بما فيها ميورقة ويابسة ومنورقة وكلها معاقل بني غانية غرب الأندلس واستولى على هذه الجزر وقتل رجال ابن غانية، وقد استطاع القضاء على فتنة ابن غانية بمساعدة ابن أبي حفص في تونس عام ٦١٨ هـ.

نبذة عن الدولة الحفصية في تونس (٢):

قبعد انتهاء فتنة ابن غانية الميورقي ظهر ابن أبي حفص، وقد خفض من حدة الدواودة من رياح وبطشهم بأهل الضواحي وعمل في عزيمة وثبات على توطيد الحكم الحفصي في القطر الجزائري فأفلح في ذلك ونجح في القضاء على الحملة


(١) قراقوش: وزير السلطان صلاح الدين الأيوبي في الدولة الأيوبية بمصر والشام، وكان مقره بمصر، وفي الأعلام للزركلي أن أصله عربي وهو قراقوش أبو سعيد بن عبد الله الأسدي.
- انظر ص ١٩٣ م ٥ من الأعلام - وكان قراقوش قبل هلاكه في هذه الحقبة قد غدر ببعض رجالات علَّاق بن عوف (بني سُلَيْم) وقتل ثمانين من الكعوب، وهرب باقيهم إلى برقة واستصرخوا برياح ودبكل من حمير وترجم ودلاج وكلها بطون من عوف، وظلت عوت في عداء مع قراقوشي يشنُّون عليه الغارات على أَطراف ملكه في مصر حتى قتله الأمير الغاني، ورغم هذا لم يكن من سُلَيْم إلا القليل يؤيد هذا الأمير في تونس أو في حربه ضد الموحدين، وكان المؤيد الأول هو مسعود البِّلط الرياحي الذي هرب من مراكش بعد أن نفاه الموحدون - كما أسلفنا - وقد تزعم رياح في وقوفه وراء الميورقي من بني غانية، أما بني عوف (سُلَيْم) كلها فقد انحازت إلى الشيخ أبي محمد بن أبي حفص أمير تونس والذي أنشأ الدولة الحفصية بعد انتهاء دولة الموحدين، وقرب إليه علاق ومرداس من عوف وأخرج رياح الذين كانوا مع ابن غانية وهذا بعد هلاك هذا الأمير، وقد كانت رياح الهلالية قد أفسدت البلاد وقتئذ.
(٢) الدولة الحفصية منسوبة إلى بني عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب من قربى وهم بنو أبي حفص عمر بن يحيى بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (مخطوط نهاية الأرب للقلقشندي)، والصحيح كما رجحه مؤرخو تونس أن نسب الحفصيين من قبيلة هنتاتة وهي أصلًا من بطون المصامدة في مراكش (المغرب الأقصى) وقد ألحقوا نسبهم إلى أبي حفص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تيمنًا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>