وحينما وصل الأسطول الميورقي إلى ميناء بجاية الجزائري هبّ من بقي من أهلها من بني حماد الزيريين إلى نصرته ومعاونته على احتلال المدينة، وقد نجح علي بن إسحاق في غزو إفريقيا (تونس) بأسرها بعد ذلك بقليل ولم يترك للموحدين في أرجائها سوى مدينة المهدية، ثم بادر إلى الاستيلاء على الجزء الشرقي من الجزائر وسرعان ما شملت غزواته كل المنطقة الممتدة بين ميناء بجاية ومدينة مليانة الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة الجزائر وذلك في المدة من عام ٥٨٠ إلى ٥٨٣ هـ (١١٨٤ - ١١٨٧ م)، وكان أثناء هذه الغزوات الجريئة قد احتل مدينة الجزائر خلال عام ٥٨١ هـ، ولكنه لم يستطع الاحتفاظ بها طويلًا إذ ثار أهلها في وجهه ودانوا بالطاعة ليعقوب بن يوسف المُلقَّب بالمنصور، وكان الأمير علي بن إسحاق رجلًا مقدامًا قوي العزيمة ينتصر مرة وينهزم أخرى دون أن يتسرب اليأس إلى نفسه، فقد عبر المغرب في شتى اتجاهاته فقطعه في حروبه من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء حيث استولى على مدينة بسكرة وبسط سلطانه على منطقتها الشاسعة، ولقد أثارت هذه الانتصارات المتتالية غضب الخليفة الموحدي يعقوب بن يوسف المنصور فخرج لقتال الأمير علي الغاني على رأس جيش كبير عام ٥٨٣ هـ - ١١٨٧ م واستولى في طريقه على مليانة ثم الجزائر، وعندما اقترب جيشه من ميناء بجاية وجد الأمير علي بن إسحاق أن حاميتها لا تقوى على قتال هذا الجيش الموحدي اللجب ففر إلى قفصه (تونس)، ثم التحم ما بقي من رجاله بجيش يعقوب المنصور عند الحامة حيث نزلت بهم الهزيمة الساحقة التي كان من أهم أسبابها انسحاب عساكر المماليك وبعض قبائل الهلالية وانضمامهم زرافات إلى جيش الموحدين، وفي هذه المعركة قُتل الأمير علي بن إسحاق الغاني، عام ٥٨٤ هـ - ١١٨٨ م وخلفه في قيادة الميورقيين أخوه يحيى بن إسحاق الغاني ولم يستكن الأمير يحيى لما لحق بأخيه من هزيمة، فاستمر على قتال الموحدين تسانده العصابات العربية في تونس أشهرهم رياح من هلال وأتباعهم الخُلَّط وهم من المنْتَفق بن عامر من عُقَيْل بن كَعْب من هَوَازِن، وكانوا في عداد جُشَم بن بكر من هَوَازِن وفي الجملة مع عرب هلال من هوازن أيضًا، وسموا خُلَّط في المغرب لاشتراكهم في النسب مع جُشَم وهلال في هوازن جميعًا أو اختلاط بطونهم مع جُشَم واندماجهم معهم على وجه الخصوص.