للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن يقول:

أوفى عليك الرَّدى في خيِسِ أشْبُلِهِ … والموت يلقى أبا الأشبال في الخيسِ

ما زال مقتبسًا من نور والده … إلى النبيِّ ضياءً غير مَقْبُوسِ

ويختم أشجع السُّلَمي قصيدته الرثائية البليغة لعليِّ الرضا، بقوله:

أحَلَّك اللهُ دارًا غير زائلة … في منزلٍ برسول الله مأنوسِ (١)

[رأي في شعر أشجع]

لابن الجهيم وللبحتري الشاعرين رأي في شاعرية أشجع، يقول البحتري: "فاوضتُ ابن الجهم عليا في الشعر، وذكر أشجع السُّلَمي فقال: إنه كان يُخْلِي، فلم أفهمها عنه، وأنِفْتُ في شعر أَشجع، فإذا هو ربما مرت له الأبيات مغسولة ليس فيها بيت رائع" (٢).

وهذا الناقد الصادر من علي بن الجهم فالبحتري لشِعْرِ أشجع يحتمل المناقشة والنقد، وقد درستُ ما وصل إلى يدي من شعر أشجع فَما رأيت هذا النقد منطبقًا عليه، ومعلوم أن المعاصرة تذهب المناصرة، لاسيما وأن أشجع كان قد احتل مكانة طيبة لدى هارون الرشيد ولدى البرامكة، فلابد أن تناله بعض عقارب الحسد من زملائه في صنعة الشعر، وهذا أمر طَبَعيٌّ مألوف، وليس معنى هذا أن شعر أشجع كله درر وغُرر، فما من شاعر في الدنيا مهما تتعاظم شاعريته إلا وله سقطات، وكفانا بالمتنبي وأحمد شوقي شاهدًا ومثالًا.

عمرو بن مسلم الرياحيُّ السُّلَمي

هو من بني الشريد، يكنى أبا المسلم، حجازي، شاعر مجيد رَوى عن نفسه، قال: أتيت الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أخا صاحب فخٍّ، وكان جوادًا وهو بينبع، وقد امتدحته، فقال لي: من أنت؟ فقلت: عمرو بن مسلم. قال: الرياحيُّ! قال: لا حياك الله، يا عاضَّ كذا وكذا … ألَسْتَ الذي تقول في محمد بن خالد العثماني:


(١) مقاتل الطالبين، لأبي الفرج الأصفهاني، ص ٥٦٨ - ٥٧٠، طبعة بيروت.
(٢) العمدة في صناعة الشعر ونقده، لابن رشيق، ص ٢٥٠، الجزء الأول، طبع مطبعة السعادة بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>